حاجة لأن يكتب، لأن رسول الله قد دعا له بأن يحفظ ولا ينسى شيئا، لكن هم النبي وهم العميد هو استمرارية بيان الأحكام، وفي كل شئ، وحتى قيام الساعة، بحيث يترجم المبدأ القائل بأن (القرآن تبيان لكل شئ) لذلك شرع العميد بتوجيه خاص من رسول الله بكتابة كل ما تحتاجه الأمة على الإطلاق، بحيث لا تجد حادثة ولا تحدث حادثة، إلا ولها حكم شرعي مفصل تفصيلا ومبين بيانا لا يختلف فيه اثنان.
وهكذا تكون النقلة طبيعية بعد وفاة النبي، ويكون بين أيدي الناس منظومة حقوقية كاملة ومتكاملة: قرآن كريم، وبيان لهذا القرآن مسجل لا يحتمل التأويل، فتستقيم الأمور، ويصلح الراعي وتصلح الرعية ويعم العدل، وتهنأ البشرية في ظلال المنظومة الحقوقية الإلهية، فتنصب غاية الجميع على حسن التطبيق.
2 - انعدام الحاجة إلى العمل بالرأي طالما أن الحكم الشرعي لكل شئ على الإطلاق، مبين ومفصل ومحدد بالقرآن وبالبيان، فما الداعي لإهمال الحكم الشرعي واستبعاده، وما الداعي للعمل بالرأي وترك الحكم الشرعي؟ فالمبين هو نفسه الحاكم، والمطلوب العدل، والعدل لا يتحقق إلا بالحكم الإلهي القائم على الجزم واليقين، وهو بين أيدي الناس، فما هو الداعي لترك الجزم واليقين، واللهث وراء الرأي وأحكامه القائمة على الظن والتخمين؟
لا حاجة عند عمادة أهل البيت للرأي أبدا، فقد جاء في الجزء الأول صفحة 85 من أصول الكافي لمحمد بن يعقوب الرازي المتوفى 328 ه (أن رجلا سأل الإمام جعفر الصادق عن مسألة فأجابه فيها، فقال الرجل: أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها؟ فقال له الإمام جعفر: مه، ما أجبتك فيه من شئ فهو من رسول الله، لسنا من (أرأيت) في شئ!
إنه لا مجال إطلاقا للرأي عند بيان الحكم الشرعي، فالأئمة الكرام يعرفون الحكم الشرعي معرفة قائمة على الجزم واليقين، فما الداعي للخوض بالرأي القائم على الفرض والتخمين!