44 - الغالب الذي لم يبطر عندما غلب عمر وعين أبا بكر خليفة استقام أبو بكر ما وسعته الاستقامة، واستقام عمر ما وسعته ذلك، ولم يتميزا عن الناس، بمستوى المعيشة، فقارن الناس سيرتهما بسيرة غيرهما من الخلفاء، وسلوكهما بسلوك غيرهما من الخلفاء، فوجدوا الفارق عظيما، فارتفعت أسسهم الخليفتين شعبيا إلى مستوى لا يصدق، فقول أبي بكر وعمر وفعلهما وتقريرهما بمثابة شرع، حتى ولو اختلفا مع الشرع بل ومع الآيات المحكمات!
فسهم المؤلفة قلوبهم المنصوص عليه بآية محكمة ألغاه عمر، فأشار الناس بحكمته!
والرسول كان يعطي بالتساوي فميز عمر بالعطاء، فاستحسن الناس هذا الإبداع، ثم قال عمر لئن استقبلت من عمري ما استدبرت لأردن فضل أموال الأغنياء على الفقراء، مع أنه هو الذي أوجد الأغنياء وأوجد الفقراء، فهلل الناس وترقبوا خطوة عمر التاريخية!
ثم إن أبا بكر وعمر أول من أشاع بأن رسول الله خلى على الناس أمرهم ولم يعين وليا للأمة من بعده، واكتشف الخليفتان أن ترك الأمة بلا راع دمار حقيقي، فعهد أبو بكر وعهد عمر، وأوجدا سنة العهد، فجعل الناس ذلك شرعا واجب الاتباع!
بل ويكفيك أن تعلم أنه كان من واجب الخليفة أن يعلن التزامه بسنة رسول الله وسيرة الشيخين، كأن سنة رسول الله لا تكفي، فجاءت سيرة الشيخين لتكمل سنة رسول الله!!!
وإن كنت في شك من ذلك فاطلع على صورة المواثيق التي طرحها عبد الرحمن بن عوف على عثمان وعلى الإمام الشرعي علي... إلخ.
ومن العجيب أن الناس لم يقارنوا سيرة الشيخين بسيرة رسول الله وهو نبي، إنما قارنوا سيرتهما بسيرة غيرهما من الخلفاء!!!