6 - لماذا ترسخ العمل بالرأي وشاع؟
الحاكم الإسلامي طوال التاريخ، من بعد وفاة النبي وحتى سقوط آخر سلاطين بني عثمان، هو من غلب، هذا الحاكم الغالب لم يعد إعدادا ربانيا ليكون خليفة للنبي، وهو بالتالي ليس مؤهلا ليقوم بوظائف النبي من بعد وفاته، وأبرز هذه الوظائف البيان (لتبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم) أي يبين حكم الله في ما يجد من الوقائع والأحداث والتصرفات.
وبما أن الحاكم الإسلامي لا يعرف الحكم الشرعي، وبما أنه لا بد من وجود حكم لما يقع ويواجه الدولة، اضطر الحكام للعمل برأيهم، وحيث أن المحكوم مفطور على تقليد من غلبه، أصبحت آراء الحكام مع التكرار سنة يصعب مخالفتها، أو عرفا يشعر المحكومون بأنه ملزم لهم!
ومن هنا شاع العمل بالرأي وترسخ، خاصة مع المقولة التي روج لها بإحكام، وهي أن الاجتهاد أو العمل بالرأي هو العمل بروح الشريعة العامة، هذه المقولة خلعت على العمل بالرأي ثوب الشرعية.
7 - موقف الناس وجد المسلمون أنفسهم أمام سلطة حقيقية تملك وسائل السيطرة على الأجساد والأرزاق، تأمر فتطاع، وتنادي فتجاب، وتشرع برأيها فينفذ تشريعها، ومعها الدنيا كلها، ولا ننكر الآخرة!
ووجدوا بالمقابل أهل البيت وقد عزلوا عزلا تاما، ليس معهم إلا علم النبوة، وذكريات الكفاح المرير من أجل انتصار الإسلام، ليس معهم من الدنيا شئ ولا مطمع لهم إلا بالآخرة، وهم موضع شك الحكام، ومن يواليهم يفقد امتيازاته واعتباره، ويفقد عطاءه، ولا تقبل شهادته، وقد مر حين من الدهر، كانت فيه مسبة الإمام وردا يوميا وحتما مقضيا على الرعية.