وزيادة بالأمان والاطمئنان، فقد حظرت السلطة كتابة أحاديث رسول الله، حتى تبقى هي المتحكمة بمفاتيح الشرعية!
3 - حماية المتعاونين مع السلطة من طعن المعارضة، فيمكن لعلماء المعارضة أن يكشفوا حقيقة بعض المؤلفة قلوبهم ممن جعلوا الولاء للسلطة ستارا للطعن بالمعارضة. فمن الثابت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعن الحكم بن العاص، ولعن ما في صلبه، ولعن نفرا من قريش، وشاءت الظروف أن يكون مروان هو صهر عثمان وابن عمه، ورئيس وزرائه وحامل أختامه، فإذا كانت هنالك حرية بالتحديث عن رسول الله وبنقل أحاديثه، وكتابتها، فيسهل على عشرات الصحابة الكرام أن يرووا حديث اللعن هذا أمام مروان، وأمام الخليفة، وفي ذلك إحراج ما بعده إحراج للسلطة، ولمقام الخلافة، فيغدو من الأسلم إغلاق باب التحديث وكتابة الحديث عن رسول الله!
12 - أسباب أخرى لمنع رواية حديث الرسول ومنع كتابته انتشرت إشاعة مفادها أن رسول الله لم يجمع القرآن، بل تركه مفرقا في صدور الرجال، وانتقل إلى رحمة الله والقرآن على هذه الحالة، حتى نهض الخلفاء الثلاثة بتفصيل خاص لجمع القرآن، حتى لا يضيع بقتل حفظته، وتحولت هذه الإشاعة إلى نظرية متكاملة، فصلناها في الباب الأول، ونقضناها، وقد تحولت النظرية إلى قناعة راسخة الآن!
وفي ظلال هذه الإشاعة التي تحولت إلى نظرية، ثم إلى قناعة، قيل أن القصد من منع رواية الحديث وكتابته هو أن حتى لا يختلط القرآن وهو كلام الله بالحديث وهو كلام رسول الله. وهذا السبب لا يستقيم ولا يثبت لعلتين:
1 - العلة الأولى: مع أن النبي هو أفصح العرب، إلا أن الحديث يختلف عن كلام الله، فمحمد مخلوق والله خالقه.