ويبدو أن أبا بكر (رضي الله عنه) كان يؤمن بهذا الترتيب تماما، ويدلنا على ذلك ما رواه الذهبي في تذكرة الحفاظ ترجمة أبي بكر مجلد 1 صفحة 2 - 3 أن أبا بكر (رضي الله عنه) جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال:... فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا:
بيننا وبينكم كتاب الله!!
وما يؤكد ذلك أن أبا بكر (رضي الله عنه) كان في الحجرة المباركة عندما رفع هذا الشعار، وكان مع فريق عمر الذي حال بين النبي وبين كتابة ما أراد تحت شعار (حسبنا كتاب الله).
3 - بمواجهة من طرح شعار: حسبنا كتاب الله أعلن عمر بن الخطاب عن ولادة هذا الترتيب أمام النبي نفسه، وتفصيل ذلك:
أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد أن يلخص الموقف لأمته تلخيصا نهائيا، فقال لمن حوله - وفيهم عمر بن الخطاب -: قربوا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا.
فتصدى عمر للنبي، وقال موجها كلامه لمن حضر (حسبنا كتاب الله) أي يكفينا كتاب الله، إن النبي قد غلبه الوجع، أو اشتد به الوجع، أو هجر، أو أن النبي يهجر - حاشا له - وفجأة انقسم الحاضرون في الحجرة المباركة إلى قسمين: قسم يؤيد عمر وهم الأغلبية، وقسم يؤيد النبي وهم الأقلية، وأكثر الفريقان لغطا واختلافا، فقال لهم النبي: قوموا عني، ما أنا فيه خير مما تدعوني إليه.
وهكذا فاز فريق عمر فوزا ساحقا، وتمكنوا من أن يحولوا بين النبي وبين كتابة ما أراد! وولد لأول مرة في تاريخ الإسلام ترتيب (حسبنا كتاب الله)، وتحول هذا الترتيب إلى قناعة سياسية آمنت بها الأكثرية الساحقة من الأمة.
وقد وثقت هذه الحادثة المؤلمة في كتابي نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام، وحتى لا يكون في صدر الباحث عن الحقيقة حرج فيمكنه مراجعة:
صحيح البخاري مجلد 7 صفحة 9 باب قول المريض قوموا عني، ومجلد 4 صفحة 21