34 - أسباب عدم استعمال الإمام للقوة لقد استقام أمر الحكم، وبحث الناس عن مصالحهم بالمشاركة في النظام الجديد، فحاول الإمام أن يطلب النصرة هو وزوجته ووالده من كل بيت من بيوت الأنصار، ولكن الأنصار كانت قد انبهرت وبايعت وتعذر أن تجيبه لهذا السبب، مؤكدة أنه لو سبق أبا بكر إليهم ما عدلوا به، فكان يقول: أفكنت أدع رسول الله جنازة لم أجهزه، وأخرج لأنازع الناس أمره؟!!
هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإنه ليس معه من الناحية الفعلية إلا الهاشميون، وماذا يغني الهاشميون عنه أمام وحدة قريش ضده، وحياد الأنصار أو اتحادهم مع قريش!! فأي مواجهة بين الهاشميين وبين هذا التجمع الكبير هي من قبيل الانتحار ، وعبر الإمام عن هذه الحقيقة بقوله (وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء...). راجع مجلد 1 صفحة 134 من شرح النهج أو بقوله (فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا مساعد إلا أهل بيتي، فظننت بهم عن الغنية... مجلد 3 صفحة 639 وهنالك سبب آخر دفع الإمام للاحتجاج السلمي وعدم استعمال القوة وهو ما عبر عنه بقوله:
فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين، وسفك دمائهم، والناس حديثو عهد بالإسلام، والدين يمخض مخض الوطب، يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلف... راجع المجلد الأول من شرح النهج صفحة 249. ولعل هذا أهم سبب من أسباب موادعة الإمام وجنوحه للاحتجاج الشرعي والعقلي بصورة سلمية.
وهنالك سبب آخر أنه لو تجاوز الإمام حدودا معينة بالاحتجاج فقد تقتله السلطة، لأنها لا تسمح لأحد من رعاياها أن يشكك بشرعية وجودها، والإمام لا يجزع من الموت بل يعشق الموت أكثر من عشق الرضيع لثدي أمه، لكن لو قتلته السلطة