أنه أعلنها وهو في حالة غضب أو بتعبير علماء شيعتهم فيما بعد أعلنها اجتهادا من عند نفسه، وليس عن وحي!
وهو يعتقد أن معنى قوله تعالى على لسان النبي (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) إنما يتعلق ذلك بوحي القرآن، وما تبقى من أقوال النبي وأفعاله وتقريراته فهو موضع مسألة، فهو قابل للاعتراض، وقابل للاحتجاج، وقابل للتقويم، حسب رأي عمر، وسجل احتجاجات عمر واعتراضاته المتلاحقة على رسول الله دليل على ذلك!
35 - مثال من سجل اعتراضات عمر (رضي الله عنه) لما وقع النبي اتفاقية صلح الحديبية قام عمر بن الخطاب غاضبا وقال: لو أجد أعوانا ما أعطيت الدنية أبدا، فهو يعتقد - كما يفهم من كلامه - أن رسول الله عندما وقع صلح الحديبية أعطى الدنية، ولو كان بوسع عمر أن يجد أعوانا لما وافق على الصلح الذي وافق عليه رسول الله، ولألغاه وأبطله بالقوة.
وحاول أن يستميل أبا بكر إلى صفه فقال له: يا أبا بكر، ألم يكن وعدنا أننا سندخل مكة؟ فأين ما وعدنا به؟ (يقصد أن الرسول قد وعد المسلمين بدخول مكة) فقال أبو بكر: أقال لك أنه العام يدخلها؟ قال عمر لا، قال أبو بكر: فسيدخلها.
فقال عمر ما هذه الصحيفة التي كتبت؟ وكيف نعطي الدنية من أنفسنا؟
فقال أبو بكر: يا هذا الزم غرزه فوالله إنه لرسول الله، وإن الله لا يضيعه!
فلما كان يوم الفتح، وأخذ رسول الله مفتاح الكعبة قال: ادعوا لي عمر، فجاء فقال الرسول: هذا الذي كنت وعدتكم به، راجع شرح النهج لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد مجلد 3 صفحة 790 - 791 شرح حسن تميم.
تلك طبيعة الرجل الذي جمع القوة وجمع بيده كل أسبابها، فهو يعتقد أن الرسول بشر يتكلم في الغضب والرضا، وأن كل ما يقوله أو يفعله أو يقرره ليس بالضرورة صحيحا، ولعله في صلح الحديبية تذكر أهمية الأعوان، وبدء بالإعداد للإكثار من