بعدك هملا، فإني أخشى عليهم الفتنة، فأتى عبد الله، فأعلمه، فقال عمر ومن تأمرني أن أستخلف؟ لو أدركت... إلخ. راجع أيضا أعلام النساء مجلد 2 صفحة 786 وروى المسعودي في مروج الذهب مجلد 2 صفحة 253، أن عبد الله بن عمر دخل على عمر بن الخطاب وهو يجود بأنفاسه فقال: يا أمير المؤمنين استخلف على أمة محمد، فإنه لو جاءك راعي إبلك أو غنمك وترك إبله أو غنمه لا راعي لها للمته وقلت له:
كيف تركتك أمانتك ضائعة؟ فكيف يا أمير المؤمنين بأمة محمد؟ فأجابه عمر: إن أدع فقد ودع من هو خير مني، وإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني.
جاء في تاريخ الطبري مجلد 4 صفحة 53، وفي العقد الفريد مجلد 2 صفحة 254 أن أبا بكر قال في مرضه الذي توفي منه: وددت أني سألت رسول الله لمن هذا الأمر فلا ينازعه أحد؟ ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب؟
وأخرج البلاذري في أنساب الأشراف مجلد 5 صفحة 16 عن ابن عباس قال: قال عمر: لا أدري ما أصنع بأمة محمد - وذلك قبل أن يطعن - فقلت ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه؟... إلخ.
16 - تكييف إشاعة أن النبي ترك أمته ولم يستخلف راجت إشاعة أن النبي قد مات ولم يستخلف، إنما خلى على الناس أمرهم، ومع الأيام وبفضل وسائل الإعلام التي كانت تحت سيطرة السلطة الغالبة طوال التاريخ، تحولت هذه الإشاعة إلى قناعة آمنت بها الأكثرية الساحقة من الأمة.
وقد رأينا أن ابن عمر بن الخطاب وصف هذه الإشاعة - أي ترك الأمة دون راع - بأنها تضييع للأمانة، وأنها تفريط، وأنها محل لوم يترفع عن الوقوع بها راعي الإبل أو راعي الغنم على حد تعبيره، وأن ترك الأمة بدون راع يعني تركها هملا على حد تعبير أم المؤمنين عائشة، وبالتالي فإن هذا الترك يؤدي للفتنة، كما توقعت أم المؤمنين.
تلك هي خلاصة التكييفات التي خلعها ابن عمر وخلعتها أم المؤمنين على فكرة ترك عمر لأمة محمد دون أن يستخلف عليها من بعده. فهل يعقل أن يكون راعي