تكتب كل شئ سمعته من رسول الله ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا؟
فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله، فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال (أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق).
والسؤال: فمن من قريش يجرؤ على نهي صحابي من أن يكتب قول نبي ورسول ورئيس دولة بنفس الوقت؟
من يجرؤ على ذلك سوى عمر وأبي بكر رضي الله عنهما.
ويبدو أنهما خشيا أن يروى عن رسول الله حديث في حق أناس قال فيهم في حال الرضا أو الغضب قولا ما ينبغي أن يقال، فحرصا منهما على مصلحة الإسلام، اعتقدا أنه ليس من الحكمة كتابة أحاديث الرسول!
هذا والرسول حي يمارس النبوة والرسالة ورئاسة الدولة!
ويبدو أنه لهذه الغاية حالوا بينه وبين كتابة وصيته، بحجة أن المرض قد اشتد به، مع أن المرض قد اشتد بهما أكثر مما اشتد برسول الله، ومع هذا كتبا وصيتيهما، ونفذت، وبقيت وصيتاهما أسس نظام الخلافة، ولم يقولا أو لم يقل أحد إن المرض قد اشتد بهما، (وحسبنا كتاب الله)!!!
ولما انتقل النبي إلى جوار ربه، وآلت رئاسة الدولة إلى أبي بكر ثم عمر (رضي الله عنه)، بذلا جهدهما بالاستغناء عن حديث رسول الله، وبالاكتفاء بكتاب الله، تجسيدا لهذا الشعار (حسبنا كتاب الله) هذا الشعار الذي تحول بفعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إلى قناعة ضربت جذورها لأعماق الحياة السياسية الإسلامية بعد وفاة النبي!!
9 - عثمان ينهج نهج صاحبيه عثمان (رضي الله عنه) كان موضع ثقة أبي بكر، وموضع ثقة عمر رضي الله عنهما، انظر إلى قول أبي بكر لعثمان عندما كتب عهد عمر (والله لو كتبت نفسك لكنت أهلا لها) أي للخلافة.
راجع سيرة عمر لابن الجوزي 1 صفحة 37، وتاريخ ابن خلدون مجلد 2 صفحة 58 على سبيل المثال.