ومن هنا أشيع وتحولت الإشاعة إلى قناعة بأن طاعة الخليفة من أعظم القرب التي يتقرب بها أهل طاعته إلى الله تعالى!!
كان شمر بن الجوشن يقول رب اغفر لي، فقيل له: كيف يغفر الله لك وقد خرجت إلى ابن بنت رسول الله فأعنت على قتله؟ فقال: ويحك فكيف نصنع، إن أمراءنا هؤلاء أمرونا فلم نخالفهم، ولو خالفناهم كنا شرا من هذه الحمر)! راجع تاريخ الإسلام للذهبي مجلد 3 صفحة 18 - 19 وكان كعب بن جابر ممن حضر قتال الحسين في كربلاء يقول في مناجاته: يا رب إنا قد وفينا، فلا تجعلنا يا رب كمن غدر! يقصد بمن غدر من لم يطع الخليفة!!
ودنا عمر بن سعد يوم عاشوراء من أصحاب الحسين ونادى: يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام!
وقال مسلم بن عقبة الذي استباح المدينة، وختم أعناق الصحابة وأذلهم، وقتل يوم الحرة إحدى عشر ألف مسلم، قال عن عمله هذا: اللهم إني لم أعمل عملا قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أحب إلي من قتل أهل مدينة رسول الله، ولا أرجى عندي في الآخرة، وإن دخلت النار بعد ذلك إني لشقي!
22 - لتبرير هذه الطاعة وهكذا تدين الناس بطاعة الخليفة الغالب وسخرت كل موارد الدولة لترسيخ هذه الطاعة وجعلها قناعة.
وطمعا برفع مقام الخليفة ودوام ذكره، وتدعيما للتدين بالطاعة انتشرت الأحاديث الموضوعة، فكما فرض الله طاعة رسوله (وأطيعوا الله والرسول) أشاعوا بأن الله فرض طاعة الخليفة الغالب مهما فعل، وحرموا الخروج عليه مهما فعل، وتصور الناس أن تلك الأحاديث الموضوعة أحاديث حقيقية، وانتشرت تلك الأحاديث على نطاق واسع، وتثبتت في قيود الدولة ودوائر إفتائها، بالوقت الذي كان محظورا على المسلمين كتابة ورواية أحاديث رسول الله الصحيحة بحجة أن القرآن وحده