فقال أبو بكر: صدق رسول الله وصدقت ابنته، أنت معدن الحكمة، وموطن الهدى والرحمة، وركن الدين، وعين الحجة، لا أبعد صوابك، ولا أنكر خطابك، هؤلاء المسلمون بيني وبينك، قلدوني ما تقلدت، وباتفاق منهم أخذت ما أخذت، غير مكابر ولا مستبد، ولا مستأثر وهم بذلك شهود!
فالتفتت (عليها السلام) وقالت: معاشر الناس المسرعة إلى قبل الباطل، المغضية على الفعل القبيح الخاسر، (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم، فأخذ بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأولتم، وساء ما به أشرتم، وشر ما منه اعتضتم، لتجدن والله محمله ثقيلا، وغبه وبيلا، إذا كشف لكم الغطاء، وبان ما وراء الضراء، وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تخشون، وخسر هنالك المبطلون.
ثم عطفت على قبر رسول الله وقالت:
قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك فاشهدهم وقد نكبوا أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما مضيت وحالت دونك الترب تجهمتنا رجال واستخف بنا * لما فقدت وكل الأرض مغتصب وكنت بدرا ونورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات ينبئنا * فقد فقدت فكل الخير محتجب إنا رزئنا بما لم يرز ذو شجن * من البرية لا عجم ولا عرب 29 - كلامها مع نساء المهاجرين والأنصار زارتها نساء المهاجرين والأنصار فقلن لها: يا بنت رسول الله كيف أصبحت من علتك؟ فقالت (عليها السلام) أصبحت والله عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، لفظتهم قبل أن عجمتهم، وشنأتهم بعد أن سبرتهم، فقبحا لفلول الحد، وخور القناة، وخطل الرأي،