وفي نفس الجلسة قال عمر: والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم... ولنا بذلك على من أبى الحجة الظاهرة والسلطان المبين، من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة. راجع على سبيل المثال النص الحرفي لكلمة عمر في الإمامة والسياسة لابن قتيبة صفحة 4 وما فوق.
عند هذه النقطة قام بشير بن سعد فقال: يا معشر الأنصار إنا والله لئن كنا أولي فضيلة في جهاد المشركين، وسابقة في هذا الدين، ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا، والكدح لأنفسنا، فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك، ألا إن محمدا من قريش، وقومه أحق بميراثه وأولى به، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا، فاتقوا ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم.
عند هذه النقطة قام أبو بكر وقال: هذا عمر، وهذا أبو عبيدة، بايعوا من شئتم، فقالا: والله لا نتولى هذا الأمر عليك... إلخ. فنهض بشير بن سعد وبايع أبا بكر، وتوالى أنصار فريق البطون على المبايعة كما أسلفنا، فأعلن تنصيب الخليفة، وتم زفه كما أسلفنا.
بمعنى أن أبا بكر قد نصب خليفة، ودانت له الأنصار أو من حضر من الأنصار، بوصفه من عشيرة النبي، ومن أقرباء النبي، وعشيرة النبي وأقرباؤه هم أولى بسلطانه، ولا ينازعهم بسلطان محمد إلا ظالم، على حد تعبير أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، عندئذ سلم الأنصار بحكم الانبهار.
32 - محاولة لشق صفوف الآل الكرام وتفرقة القرابة ربما اقترح المغيرة بن شعبة على أبي بكر وعمر أن يذهبا إلى العباس بن عبد المطلب، فيجعلا له في هذا الأمر نصيبا يكون له ولعقبه من بعده، فتكون الحجة على علي إذا مال العباس لهما. فذهبا إلى العباس وتكلم أبو بكر إلى أن قال: على رسلكم بني هاشم