ولئالي مكنونة فاتت غيره ولم يظفروا به. فكان مجلس بحثه مجمعا للفضلاء المحققين والطلاب المحصلين ولرواد العلم وعشاق التحقيق وكان بحثه أحد البحثين أو البحوث الثلاثة التي تروي العطشان - في هذه الأزمنة المتأخرة - فلم نحضر مجلسا من مجالس بحثه إلا استفاد الطالب للتحقيق، تحقيقا جديدا أو تفكرا عميقا ولذلك فقد كان ارتحاله إلى الملاء الأعلى وفقدان الحوزة العلمية له (لا سيما وقد قصرت قبله أيدي المحصلين عن الاستضائة بأنوار التفكرات العميقة التي كان يلقيها سيدنا الأستاذ الأعظم آية الله العظمى الإمام الخميني - دام ظله العالي - لابعاده (دام ظله) حين ذاك من ناحية الحكومة الطاغوتية عن الحوزة العلمية وإقامته الاجبارية في جوار مولينا أمير المؤمنين عليه السلام فقد كان ارتحاله مصيبة عظيمة على الحوزة العلمية وثلمة كبيرة فيها لم تنسد بعد بشئ.
وقد كان هو (قدس سره) شديد الحب بل العشق بالمباحث العلمية والتحقيقات الأصولية والفقهية كثير التفكر فيها بحيث ربما يشغله التفكر فيها عن كل ما سواه حتى عند مشيه في الشوارع على قدميه، فقد كان ربما يشغله تفكيره عن الالتفات إلى من يسلم عليه في الشوارع والجواد لكي يجيب سلامه، وكان شديد التأثر زمن الابتلاء بالمرض الذي كان فيه وفاته من جهة عدم إمكان اشتغاله بالتحقيقات العلمية.
ولذلك، فبعد وفاة السيد العلامة آية الله العظمى البروجردي (قدس سره) مع أنه كان في أيام تحصيل الحوزة العلمية مشتغلا بالبحث والتحقيق عن مسائل كتاب الحج، فقد أخذ في أيام التعطيلات الممتدة - كشهر رمضان المبارك وأيام الصيف - بالبحث عن مسائل كتاب الصلاة على ترتيب " العروة الوثقى " واستمر وامتد بحثه (قدس سره) عنه في أيام التعطيل إلى أن تم بحثه عن كتاب الحج في أيام التحصيل. فجعل بعد ذلك بحثه في أيام التحصيل بحثا عن مسائل الصلاة.
ومن المأسوف عليه جدا! أنه لم يوفق لاتمام هذه المباحث وانقضى أجله أثنائها وأسرع إلى لقاء ربه الكريم وأصاب الحوزة العلمية بفقده وحرم الفضلاء تحقيقاته،