كتاب الصلاة - تقرير بحث المحقق الداماد ، لمؤمن - الصفحة ١٠٦

____________________
في وقت نافلة المغرب أعم من البعد بلا فصل ومع فصل، فإذا أريد منه الأعم في نافلة المغرب لا بد وأن يراد الأعم أيضا من بعد العشاء في نافلة العشاء، إذ هما واقعان في كلام واحد، كما في صحيحة " الحارث " وموثقة " سليمان " المذكورتين فبقرينة وحدة السياق إرادة الأعم من أحدهما قرينة على إرادته من الآخر أيضا.
ويمكن الاستدلال على الامتداد إلى نصف الليل أو آخره (1) بما ورد في أخبار مستفيضة من أنه " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر " ببيان أن المراد بالبيتوتة هو النوم، كما عن المجلسي (قدس سره) والمراد بالوتر هو الوتيرة على ما يشهد به (2) روايتنا المفضل [الفضل خ ل] وأبي بصير، فإن في الأولى " قلت لأبي عبد الله

(١) فيه منع كما في " مصباح الفقيه " منه.
(٢) اثبات كلا الأمرين بما ذكره محل نظر، أما كون البيتوتة بمعنى النوم: فلأن المنقول عن أهل اللغة خلافة. وأما كون المراد بالوتر الوتيرة: فلأن الروايتين كلتيهما ضعيفتا السند، مضافا إلى أن الأول لا يعين المراد بالوتر في الوتيرة، وذلك أنه بناء على أن يكون البيتوتة بمعنى النوم يكون مفاد الرواية " لا ينامن إلا بوتر " وحيث إن نوم جل الناس لولا كلهم يكون بحسب الغالب قبل انتصاف الليل، فليستفاد منها مطلوبية تقديم الوتر، وحينئذ فلو خلينا وهذه المستفيضة استفدنا منها استحباب تقديمها بالكيفية التي يؤتى بها في وقتها، لكنه لورود رواية " المفضل " يثبت لها فرد تنزيلي هو الوتيرة، وحيث إن المستفيضة بنفسها لا تشمل الوتيرة، فالمرجع في وقت الوتيرة هو دليل التنزيل، ومن الواضح: أن دليل التنزيل (أعني رواية الفضل) إنما نزل ما يؤتى بها بعد العشاء بشرائطها المقررة شرعا منزلة الوتر، فلا اطلاق له يتمسك به. نعم: لا يرد على رواية " أبي بصير " هذا الاشكال، إذ هي قد حصرت الوتر الوارد في المستفيضة في الوتيرة، فتدل المستفيضة على امتداد وقتها، إلا أنه يرد عليهما اشكال مشترك الورود، وهو أنه لم يعلم أن هاتين الركعتين هي الوتيرة. فلعلهما ركعتان أخريان كان اتيانهما بعد العشاء معروفا، كما يشهد بذلك صحيح ابن سنان (٤ / ١٤ من الأعداد) وصحيح الحجال (١٥ / ٤٤ مواقيت) فإنهما تضمنتا أن أبا عبد الله عليه السلام يصلي بعد العشاء الآخرة أربع ركعات، وزاد في الثانية أنه عليه السلام " لا يحتسب بإحديهما ويحتسب بالأخرى عن الوتر إن لم يستيقظ قبل طلوع الفجر " بل المستفاد من موثقة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام حيث قال: " صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس " إلى أن قال: " وركعتان بعد العشاء الآخرة يقرأ فيهما مأة آية قائما أو قاعدا والقيام أفضل ولا تعدهما من الخمسين " الحديث، أن نافلة العشاء لا تكون مكان الوتر وبمنزلته، إذ لو جعلناها مانه كان اللازم عدها من الخمسين لا زائدا عليه وقد نهى عنه، ولذلك نحمل قول الصادق عليه السلام في صحيحة الفضيل (٢ / ١٣ من أبواب أعداد الفرائض) " والفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر " على التقية، إذ لو كانت الوتيرة مكان الوتر فهي وتر مقدم لا في عرض الوتر، فكيف يكون الفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة؟ ويؤيد بل يدل على ما ذكرنا أيضا صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام هل قبل العشاء الآخرة وبعدها شئ؟ قال: لا، غير أني أصلي بعدها ركعتين ولست أحسبهما من صلاة الليل (الباب ٢٧ من أعداد الفرائض من الوسائل).
وبالجملة: فلو لم يسلم أن الركعتين في هاتين الروايتين غير الوتيرة، فلا دليل أيضا على أنهما الوتيرة بعد احتمال معروفية اتيان ركعتين أخريين، كما يشهد بها الصحيحتان. وعندي أن الاستناد في تفسير الوتر بالوتيرة إلى صحيحة " الفضيل " أحسن من الاستناد إليهما، لخلوها عن هذا الاشكال، ولا يرد عليه ما عرفت في رواية " الفضل " لظهورها في الانحصار وأن الوتر المقدم إنما هي الوتيرة، لكنك عرفت: أن الوجه فيها هو الحمل على التقية، فتدبر جيدا. (منه عفي عنه)
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست