في يومه وليلته أربعين كبيرة فيقول وهو نادم: استغر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والاكرام وأسأله أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يتوب علي إلا غفرها الله له، ولا خير فيمن يقارف في يومه أكثر من أربعين كبيرة) (11). وروي: (أن الله تعالى لما لعن إبليس سأله النظرة، فأنظره إلى يوم القيامة، فقال: وعزتك لأخرجت من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح، فقال الله تعالى: بعزتي لأحجبت عنه التوبة ما دام فيه الروح). وورد في الإسرائيليات: (أن شابا عبد الله عشرين سنة، ثم عصاه عشرين سنة، ثم نظر في المرآة، فرأى الشيب في لحيته، فساءه ذلك، فقال: إلهي أطعتك عشرين سنة ثم عصيتك عشرين سنة، فإن رجعت إليك أتقبلني؟ فسمع قائلا يقول:
أجبتنا فأجبناك، فتركتنا فتركناك وعصيتنا فأمهلناك فإن رجعت إلينا قبلناك) والأخبار والآثار في هذا المعنى أكثر من أن تحصى، وفي بعض الأخبار المتقدمة دلالة عليه أيضا ثم الناظر بنور البصيرة لا يحتاج في هذا المعنى إلى بيان، إذ يعلم أن التوبة توجب سلامة القلب، وكل قلب سليم مقبول عند الله ومتنعم في الآخرة في جوار الله، ويعلم أن القلب خلق في الأصل سليما صافيا، إذ كل مولود يولد على الفطرة، وإنما مرض واسود بأمراض الذنوب وظلماتها ودواء التوبة يزيل هذه الأمراض، ونور الحسنات يمحو هذه الظلمات، ولا طاقة لظلام المعاصي مع نور الحسنات، كما لا طاقة لظلام الليل مع نور النهار، ولكدورة الوسخ مع بيان الصابون والماء الحار. نعم إذا تراكمت الذنوب بحيث صارت رينا وطبعا، وأفسدت القلب بحيث لا يقبل الصفاء والنورانية بعد ذلك، فمثل هذا القلب لا تفيده التوبة، بمعنى أنه لا يرجع ولا يتوب، وإن قال باللسان تبت، إذ أوساخ الذنوب غاصت في تجاويفه وتراكمت فيه بحيث لا يقبل التطهير، ولو بولغ فيه أدى إلى انخراق القلب