يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه، والمنافق يرى ذنبه كذباب مر على أنفه فأطاره). وقال رسول الله (ص) (اتقوا المحقرات من الذنوب، فإنها لا تغفر)، قيل: وما المحقرات؟ قال: (الرجل يذنب الذنب، فيقول طوبى لي لو لم يكن غير ذلك). وروي: (أنه (ص) نزل بأرض قرعاء، فقال لأصحابه: أئتونا بالحطب، فقالوا: يا رسول الله! نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، قال: فليأت كل إنسان بما قدر عليه فجاؤوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض، فقال (ص): هكذا تجمع الذنوب إياكم والمحقرات من الذنوب فإن لكل شئ طالبا، ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين). وقال أمير المؤمنين عليه السلام (لا تصغر ما ينفع يوم القيامة ولا تصغر ما يضر يوم القيامة، فكونوا فيما أخبركم الله كمن عاين) وقال الباقر (ع): (اتقوا المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا، يقول أحدكم: أذنب واستغفر الله.
إن الله - تعالى - يقول:
(ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) (15).
وقال عز وجل -: (إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير) (16).
وقال الصادق (ع): إن الله يحب العبد أن يطلب إليه في الجرم العظيم، ويبغض العبد أن يستخف بالجرم اليسير). وقال الكاظم (ع):
(لا تستكثروا كثير الخير ولا تستقلوا قليل الذنوب، فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يكون كثيرا، وخافوا الله في السر حتى تعطوا من أنفسكم النصف) (17). والسر في عظم الذنب في قلب المؤمن: كونه عالما بجلال الله وكبريائه، فإذا نظر إلى عظم من عصى به رأى الصغير كبيرا، وقد أوحى الله إلى بعض أنبيائه: (لا تنظر إلى قلة الهدية وانظر إلى عظم مهديها،