والاخلاص. وأعمالها الأركانية: من تكبيرة الاحرام، والركوع، والسجود، والقيام، بمنزلة الأعضاء الرئيسية، فتفوت بفواتها الصلاة على الإطلاق، ولا يمكن تحققها وصحتها بدونها. وسائر الأعمال الواجبة: من الفتحة، والسور، وإذ كان الركوع، والسجدتين، والطمأنينة فيها، وفي رفع الرأس عنها، والتشهد، والتسليم، وغير ذلك من الأعمال الواجبة التي تبطل الصلاة بتركها عمدا لا سهوا، بمنزلة اليدين والرجلين وآلات التناسل وغير ذلك، مما قد تفوت الحياة بزوالها وقد لا تفوت به، والأعمال المسنونة والهيئات المندوبة، والآداب المستحبة: من القنوت، ودعاء الافتتاح، وغير تكبير الاحرام من التكبيرات والتعوذ عن زائد قدر الواجب في التشهد والتسليم من الأذكار، وغير ذلك مما لا تبطل الصلاة بتركها عمدا أو سهوا، ولكن تخرج بها عن الحسن والكمال وزيادة الأجر والثواب، فهي بمنزلة، الحاجبين واستقواسهما واللحية والأهداب وتناسب الخلقة وغير ذلك مما يفوت بعضها الحسن والجمال وبفوات بعض كمالها، ويصير الشخص بسببه مشوه الخلقة مذموما غير مرغوب فيه.
وإذا عرفت ذلك: فاعلم - يا حبيبي - أن صلاتك قربة وتحفة تتقرب بها إلى حضرة ملك الملوك، كوصيفة يهديها طالب القرب والجاه من السلاطين إليهم. وهذه التحفة تعرض على الله ثم ترد إليك في يوم العرض الأكبر، فإليك الخيرة في تحسين صورتها أو تقبيحها، فمن أداها على النحو المأمور به، بأعمالها الواجبة والمندوبة، وشرائطها الظاهرة والباطنة، مع الإخلاص، وحضور القلب، كان كمن أهدى عبدا صحيحا سويا شابا جميلا عاقلا كاملا إلى ملك من الملوك. ومن اقتصر على أعمالها الظاهرة، وغفل من الحضور والتوجه والقربة والاخلاص، كان كمن أهدى عبدا ميتا بلا روح إلى ملك من الملوك. ومن ترك عمدا شيئا من واجباته، كان كمن أهدى عبدا مقتولا إليه. ومن اقتصر على أقل ما يجزي كان كمن أهدى إليه عبد حي أعمى، أو أصم، أو أبكم، أو مقطوع الأطراف، أو هرما، أو قبيح المنظر، أو مجروح الأعضاء، أو أمثال ذلك. فتنبه أيها الغافل، وتأمل في أنك إذا أهديت تحفة إلى ملك من ملوك الدنيا، بل إلى من دونه بمراتب كثيرة،