أن يتذكر عنده نقصه وحاجته، وخبث باطنه، وخسة حاله، وما يشتمل عليه من الأقذار، وكونه حامل النجاسات، ويتذكر باستراحة نفسه عند إخراجها، وسكون قلبه عن دنسها، وفراغه للعبادات والمناجاة، وأن الأخلاق الذميمة التي في باطنها نجاسات باطنة، وأقذار كامنة، لتستريح نفسها عند إخراجها، ويطمئن قلبه من إزالة دنسها، وعند إخراجها يصلح للوقوف على بساط الخدمة، ويتأهل للقرب والوصول إلى حريم العزة.
فكما يسعى أخراج النجاسات الظاهرة لاستراحة البدن مدة قليلة في الدنيا، فينبغي أن يجتهد أيضا في إخراج الأقذار الباطنة، والنجاسات الداخلة الغائضة (6) في الأعماق، المفسدة على الإطلاق، لتستريح الروح والبدن في الدنيا والآخرة أبد الآباد. قال الصادق (ع): (إنما سمي المستراح مستراحا لاستراحة النفس من أثقال النجاسات، واستفراغ الأقذار والكسافات فيها. والمؤمن يعتبر عندها أن الخالص من حطام الدنيا كذلك تصير عاقبته، فيستريح بالعدول عنها وتركها، ويفرغ نفسه وقلبه عن شغلها، ويستنكف عن جمعها وأخذها استنكافه عن النجاسة والغائط والقذر، ويتفكر في نفسه المكرمة في حال كيف تصير ذليلة في حال، ويعلم أن التمسك بالقناعة والتقوى يورث له راحة الدارين. فإن الراحة في هوان الدنيا، والفراغ من التمتع بها، وفي إزالة النجاسة من الحرام والشبهة.
فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته إياها، ويفر من الذنوب، ويفتح باب التواضع والندم والحياء، ويجتهد في أداء أوامره واجتناب نواهيه، طلبا لحسن المآب، وطيب الزلفى. ويسجن نفسه في سجن الخوف والصبر والكف عن الشهوات، إلى أن يتصل بأمان الله تعالى في دار القرار، ويذوق طعم رضاه، فإن المعلول على ذلك، وما عداه فلا شئ) (7).
وينبغي أن يتأمل في أن ما دفع عنه من الغائط والقذر هو ما كان يشتهيه، ويحترص في طلبه من لذائذ الأطعمة وكلما كانت ألذ عفونتها أشد، فما