على ما لا يبطل عرضه، وبالمجوف على ما لا يبطل تجويفه، وهكذا...
ويراعى في الالصاق لكل عضو ما يليق به ويحتاج إليه. فلو جمع لأنف الصبي - مثلا - من الغذاء ما يجمع على فخذه، لكبر أنفه، وبطل تجويفه وتشوهت صورته، بل ينبغي أن يسوق إلى الأجفان مع رقتها، وإلى الأفخاذ مع غلظتها، وإلى الحدقة مع صفائها، وإلى العظم مع صلابته، ما يليق بكل واحد منها من حيث القدر والشكل، ويراعي العدل في القسمة والتقسيط وإلا بطلت الصورة، وتشوهت الخلقة، ورق بعض المواقع وضعف البعض فمراعاة هذه الهندسة مفوضة إلى ملك من الملائكة. وإياك وأن تظن أن الدم بطبعه يهندس شكل نفسه، فإن من أحال هذه الأمور إلى الطبع جاهل ولا يدري ما يقول. فإن أراد من الطبع قوة عديمة الشعور ويقول: أن كل فعل من هذه الأفعال موكول إلى قوة لا شعور لها، فنقول ذلك أدل على عظمة الله وحكمته وقدرته، إذ لا ريب في أن ما لا شعور له ليس له في نفسه أن يفعل فعلا ما، فضلا عن أن يفعل أفعالا متقنة محكمة مشتملة على الحكم الدقيقة، والمصالح الجليلة والخفية. فتكون هذه شروطا ناقصة لإيجاد الله - سبحانه - هذه الأفعال بلا واسطة أو بواسطة عدد هذه القوى من الملائكة. وعلى أي تقدير، لا بد من سبعة أشخاص من مخلوق الله سبحانه - مسخرين في باطنك، موكلين بهذه الأفعال قد شغلوا بك وأنت في النوم تستريح، وفي الغفلة تتردد، وهم يصلحون الغذاء في باطنك ولا خبر لك منهم، وكذلك في كل جزء من أجزائك التي لا تتجزأ، حتى يفتقر بعض الأجزاء - كالعين والقلب - إلى أكثر من مائة ملك. ثم الملائكة الأرضية مددهم من الملائكة السماوية على ترتيب معلوم، لا يحيط بكنهه إلا الله، ومدد الملائكة السماوية من حملة العرش، والمنعم على جميعهم بالتأييد والتسديد والهداية المهيمن القدوس، المنفرد بالملك والملكوت والعزة والجبروت. ومن أراد أن يعلم - إجمالا - كثرة الملائكة الموكلين بالسماوات والأرضين، وأجراء النبات والحيوانات، والسحب والهواء والبحار والجبال والأمطار وغير ذلك، فليرجع في ذلك إلى الأخبار الواردة من الحجج - عليهم السلام -. ثم لا بد أن يفرض كل فعل من الأفعال السبعة المذكورة