بفاتنين) (1)؛ أي بمضلين إلا من أضله الله تعالى، أي لستم تضلون إلا أهل النار الذين سبق علم الله تعالى في ضلالهم.
قال الفراء: أهل الحجاز يقولون بفاتنين، وأهل نجد يقولون بمفتنين من أفتنت.
والفتنة: الجنون كالفتون.
والفتنة: المحنة؛ عن ابن الأعرابي. ومنه قوله تعالى: (وهم لا يفتنون) (2)؛ أي لا يمتحنون بما يبين حقيقة إيمانهم.
وفي الحديث: فبي تفتنون وعني تسألون، أي تمتحنون في قبوركم ويتعرف إيمانكم لا بنبوتي.
والفتنة: المال.
والفتنة: الأولاد أخذ ذلك من قوله تعالى: (واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة) (3)؛ فقد سماهم ههنا فتنة اعتبارا بما ينال الإنسان من الاختبار بهم، وسماهم عدوا في قوله، عز وجل: (إن من أز واجكم وأولادكم عدوا لكم) (4)، اعتبارا بما يتولد منهم. وجعلهم زينة في قوله، عز وجل: (زين للناس حب الشهوات) (5)، الآية اعتبارا بأحوال الناس في تزيينهم بهم.
قال الراغب: وفي حديث عمر: سمع رجلا يتعوذ من الفتن فقال: أتسأل ربك أن لا يرزقك أهلا ومالا؟ تأول الآية المذكورة: ولم يرد فتن القتال والاختلاف.
والفتنة: اختلاف الناس في الآراء؛ عن ابن الأعرابي.
وقوله، صلى الله عليه وسلم إني أرى الفتن خلال بيوتكم؛ يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فرق المسلمين إذا تحزبوا، ويكون ما يبلون به من زينة الدنيا وشهواتها فيفتنون بذلك عن الآخرة والعم ل لها.
قال الراغب: وجعلت الفتنة كالبلاء في أنهما يستعملان فيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء، وهما في الشدة أظهر معنى، وقد قال، عز وجل: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) (6)، وقال في الشدة: (وما يع لمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر) (7)؛ ثم قال: والفتنة من الأفعال التي تكون من الله، عز وجل، ومن العبد كالبلية والمعصية (8) والقتل والعذاب وغير ذلك من الأفعال الكريهة، ومتى كا نت من الله تعالى تكون على وجه الحكمة، ومتى كانت من الإنسان بغير أمر الله تعالى تكون بضد ذلك.
وفتنه يفتنه فتنا: أوقعه في الفتنة؛ ومنه قوله تعالى: (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) (9)؛ أي يوقعونك في بلية وشدة في صرفهم إياك عما أوحى إليك. وقوله تعالى: (فتنتم أنفسكم) (10)؛ أ ي أوقعتموها في بلية وعذاب كفتنه، بالتشديد، وأفتنه؛ الأخيرة عن أبي السفر قليلة، بل أنكرها الأصمعي، رحمه الله تعالى ولم يعبأ بما أنشده من قول الشاعر، فهو مفتن كمعظم ومكرم، ومفتون .
وفي الحديث: " المؤمن خلق مفتنا " أي ممتحنا يمتحنه الله تعالى بالذنب ثم يتوب ثم يعود ثم يتوب.
وفتن الرجل فتونا: وقع فيها لازم متعد؛ ومنه قولهم: قلب فاتن: أي مفتتن؛ قال الشاعر:
رخيم الكلام قطيع القيا * م أمسى فؤادي به فاتنا (11) كافتتن فيهما، أي في اللازم والمتعدي. يقال: افتتنه افتتانا إذ فتنه.
وافتتن في الشيء: فتن فيه.