فقلت لهم ظنوا بألفي مدحج * سراتهم في الفارسي المسرد (1) أي استيقنوا، وإنما يخوف عدوه باليقين لا بالشك.
وفي حديث أسيد بن حضير: وظننا أن لم يجد عليهما، أي علمنا.
وفي حديث عبيدة، عن أنس سألته عن قوله تعالى: (أو لامستم النساء) (2)، فأشار بيده فظننت ما قال أي علمت.
وقال الراغب في قوله تعالى: (وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون) (3) أنه استعمل فيه الظن، بمعنى العلم.
وفي البصائر: وقد ورد الظن في القرآن مجملا على أربعة أوجه: بمعنى اليقين، وبمعنى الشك، وبمعنى التهمة، وبمعنى الحسبان، ثم ذكر الآيات.
قال شيخنا، رحمه الله تعالى: وحرر محشو البيضاوي والمطول: أن الظن لا يستعمل بمعنى اليقين والعلم فيما يكون محسوسا، وجزم أقوام بأنه من الأضداد كما في شروح الفصيح.
والظنة، بالكسر: التهمة؛ وكذلك الظنة، قلبوا الظاء طاء هنا قلبا وإن لم يكن هنالك إدغام لاعتيادهم اطن ومطن واطنان، ج الظنن، كعنب، ومنه الظنين: المتهم، ومنه قرىء قوله تعالى: (وما ه و على الغيب بظنين) (4)، أي بمتهم، يروى ذلك عن علي رضي الله تعالى عنه.
وقال المبرد: أصل الظنين المظنون، وهو من ظننت الذي يتعدى إلى مفعول واحد، تقول: ظننت بزيد وظننت زيدا، أي اتهمت؛ قال نهار بن توسعة (5):
فلا ويمين الله لا عن جناية * هجرت ولكن الظنين ظنينو (6) في الحديث: " لا تجوز شهادة ظنين "، أي متهم في دينه.
وأظنه (7) وأطنه: اتهمه.
وقول محمد بن سيرين، رحمه الله تعالى: لم يكن علي يظن في قتل عثمان، وكان الذي يظن في قتله غيره، هو يفتعل من تظنن فأدغم، كذا في النسخ، والصواب في العبارة يفتعل من الظن، وأصله يظنن، فثقلت الظا مع التاء ف قلبت ظاء فشددت حين (8) أدغمت، ويروى بالطاء المهملة وقد تقدم، أي لم يكن يتهم.
قال أبو عبيد: والتظني: أعمال الظن، وأصله التظنن فكثرت النونات فقلبت إحداهما ياء كما قالوا قصيت أظفاري والأصل قصصت، قاله أبو عبيدة.
والظنون، كصبور: الرجل الضعيف؛ ومنه قول بعض قضاعة ربما دلك على الرأي الظنون.
وقيل: الظنون: القليل الحيلة.
ومن النساء: المرأة لها شرف تتزوج طمعا في ولدها وقد أسنت، سميت ظنونا لأن الولد يرتجى منها.
والظنون: البئر لا يدرى أفيها ماء أم لا؛ ومنه قول الأعشى:
ما جعل الجد الظنون الذي * جنب صوب اللجب الماطر مثل الفراتي إذا ما طما * يقذف بالبوصي والماهر (9)