وجناحان إذا صاح ينبي بالظفر، وهذا روي عن مجاهد.
وقال الراغب: هذا القول ما أراه بصحيح.
وقال غيره: كان في التابوت ميراث الأنبياء، عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، وعصى موسى وعمامة هارون الصفراء.
وعن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما: هي طست من ذهب من الجنة كان تغسل فيه قلوب الأنبياء، عليهم السلام.
وعن ابن وهب: هي روح من روح الله إذا اختلفوا في شيء أخبرهم ببيان ما يريدون.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما: كنا نتحدث أن السكينة كانت تنطق على لسان عمر وقلبه، فقيل هي من الوقار والسكون؛ وقيل: هي الرحمة، وقيل: هي الصورة المذكورة.
قال بعضهم: وهو الأشبه:
قلت: بل الأشبه أن يكون المراد بها النطق بالحكمة والصواب والحيلولة بينه وبين قول الفحشاء والخنا واللغو والهجر والاطمئنان وخشوع الجوارح، وكثيرا ما ينطق صاحب السكينة بكلام لم يكن عن قدرة منه ولا ر وية، ويستغربه من نفسه كما يستغربه السامع له، وربما لم يعلم بعد انقضائه ما صدر منه، وأكثر ما يكون هذا عند الحاجة وصدق الرغبة من السائل والجالس، وصدق الرغبة منه إلى الله تعالى، وهي وهبية من ال له تعالى ليست بسببية ولا كسبية، وقد أحسن من قال:
وتلك مواهب الرحمن ليست * تحصل باجتهاد أو بكسب ولكن لا غنى عن بذل جهد * وإخلاص بجد لا بلعب وفضل الله مبذول ولكن * بحكمته وهذا النص ينبي فتأمل ذلك فإنه في غاية النفاسة.
وأصبحوا مسكنين: أي ذوي مسكنة؛ عن اللحياني، أي ذل وضعف وقلة يسار.
وحكي: ما كان مسكينا وإنما سكن، ككرم ونصر (1).
ونص اللحياني: وما كنت مسكينا ولقد سكنت (2).
وأسكنه الله وأسكن جوفه: جعله مسكينا.
والمسكينة: هي المدينة النبوية، صلى الله تعالى على ساكنها وسلم.
قال ابن سيده: لا أدري لم سميت بذلك إلا أن يكون لفقدها النبي، صلى الله عليه وسلم وقد ذكرها المصنف في المغانم المستطابه في أعلام طابه.
واستكان الرجل: خضع وذل. ومنه حديث توبة كعب: أما صاحباي فاستسكانا وقعد في بيوتهما، أي خضعا وذلا؛ افتعل من المسكنة؛ ووقع في بعض الأصول: استفعل (3) من السكون، وهو وهم فإن سين استفعل ز ائدة، أشبعت حركة عينه فجاءت ألفا.
وفي المحكم: وأكثر ما جاء إشباع حركة العين في الشعر كقوله:
ينباع من دفرى غضوب (4) أي ينبع، مدت فتحة الباء بألف، وجعله أبو علي الفارسي رحمه الله تعالى، من الكين الذي هو لحم باطن الفرج لأن الخاضع الذليل خفي، فشبهه بذلك لأنه أخفى ما يكون من الإنسان وهو يتعدى بحرف الج ر ودونه؛ قال كثير عزة:
فما وجدوا فيك ابن مروان سقطة * ولا جهلة في مازق تستكينها