يقال: سميت بذلك لأنها تتقى ولا ترى؛ كما في الصحاح.
وكانوا في الجاهلية يسمون الملائكة، عليهم السلام، جنا لاستتارهم عن العيون؛ قال الأعشى يذكر سليمان، عليه السلام:
وسخر من جن الملائك تسعة * قياما لديه يعملون محاربا (1) وقد قيل في (إلا إبليس كان من الجن) (2): إنه عنى الملائكة.
وقال الزمخشري، رحمه الله تعالى: جنى الملائكة والجن واحد، لكن من خبث من الجن وتمرد شيطان ومن تطهر منهم ملك قال سعدى جلبي وفسر الجن بالملائكة في قوله تعالى: (وجعلوا لله شركاء الجن) (3).
وقال الراغب، رحمه الله تعالى: الجن يقال على وجهين: أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بإزاء الإنس، فعلى هذا تدخل فيه الملائكة كلها جن، وقيل: بل الجن بعض الروحانيين، وذلك أن ا لروحانيين ثلاثة: أخيار وهم الملائكة، وأشرار وهم الشياطين، وأوساط فيهم أخيار وأشرار وهم الجن، ويدل على ذلك: (قل أوحى إلي أنه استمع نفر من الجن) ( 4)، إلى قوله تعالى: (ومنا القاسطون ).
قال شيخنا، رحمه الله تعالى: وقال بعضهم: تفسير المصنف الجن بالملائكة مردود، إذ خلق الملائكة من نور ولا من نار كالجن، والملائكة معصومون ولا يتناسلون ولا يتصفون بذكورة وأنوثة بخلاف الجن . ولهذا قال الجماهير: الاستثناء في قوله تعالى: (إلا إبليس)، منقطع أو متصل لكونه كان مغمورا فيهم متخلقا بأخلاقهم، وقيل غير ذلك مما هو مذكور في شرح البخاري أثناء بدء الخلق وفي أكثر التفاس ير، والله أعلم.
* قلت: وقال الزجاج: في سياق الآية دليل على أنه أمر بالسجود مع الملائكة، وأكثر ما جاء في التفسير أنه من غير الملائكة؛ وقد ذكر الله تعالى ذلك فقال: (كان من الجن)، وقيل أيضا: إنه من الج ن بمنزلة آدم من الإنس.
وقيل: إن الجن ضرب من الملائكة كانوا خزان الأرض أو الجنان، فإن قيل: كيف استثنى مع ذكر الملائكة فقال: (فسجدوا إلا إبليس) وليس منهم، فالجواب: أنه أمر معهم بالسجود فاستثنى أنه لم يسجد، وا لدليل على ذلك أنك تقول: أمرت عبدي وإخوتي فأطاعوني إلا عبدي؛ وكذلك قوله تعالى: (فإنهم عدو لي إلا رب العالمين) (5)، فإن رب العالمين ليس من الأول، لا يقدر أحد أن يعرف من معنى الكلا م غير هذا.
كالجنة، بالكسر أيضا؛ ومنه قوله تعالى: (ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون) (6)؛ الجنة هنا الملائكة عبدهم قوم من العرب.
وقال الفراء في قوله تعالى: (وجعلوا بينه وبين الجنة نسيا) (7)؛ يقال: هم هنا الملائكة إذ قالوا الملائكة بنات الله.
ومن المجاز: الجن من الشباب وغيره: المرح أوله وحدثانه، وقيل: جدته ونشاطه.
يقال: كان ذلك في جن شبابه أي في أول شبابه.
وفي الأساس: لقيته بجن نشاطه، كأن ثم جنا تسول له النزغات، اه.
وتقول: افعل ذلك الأمر بجن ذلك وبحدثانه؛ قال المتنخل: