بعض الظنون الخاصة كخبر العادل مثلا.
رابعها ظهور الاجماع بل القطع حاصل بتحققه في المقام وما ضاهاه هذا ولكن يمكن الخدشة فيه بما ذكرنا في الاجماع المنضم إلى عسر البينة المعين للانتقال إلى خصوص الاستفاضة فراجع إليه.
خامسها صحيحة حريز قال كانت لإسماعيل بن أبي عبد الله (عليه السلام) دنانير وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن فقال إسماعيل يا أبه إن فلانا يريد الخروج إلى اليمن وعندي كذا وكذا دينارا أفترى أن أدفعها يبتاع لي بها بضاعة من اليمن فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) يا بني أما بلغك أنه يشرب الخمر فقال إسماعيل هكذا يقول الناس فقال يا بني لا تفعل فعصى أباه ودفع إليه دنانيره فاستهلكها ولم يأت بشئ منها فخرج إسماعيل وقضى ان أبا عبد الله (عليه السلام) حج وحج إسماعيل تلك السنة فجعل يطوف بالبيت وهو يقول اللهم اجرني واخلف علي فلحقه أبو عبد الله فهزه بيده من خلفه وقال (عليه السلام) يا بني فلا والله مالك على الله هذا ولا لك أن يوجرك ولا يخلف عليك وقد بلغك انه يشرب الخمر فائتمنته فقال إسماعيل يا أبه إني لم أره يشرب الخمر إنما سمعت الناس يقولون فقال أبو عبد الله (عليه السلام) يا بني إن الله عز وجل يقول في كتابه يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين يقول يصدق الله ويصدق المؤمنين فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم ولا تأتمن شارب الخمر فإن الله تعالى يقول ولا تؤتوا السفهاء أموالكم فأي سفيه أسفه من شارب الخمر إن شارب الخمر لا يتزوج إذا خطب ولا يشفع إذا اشتفع ولا يؤتمن على أمانة فمن أئتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي أئتمنه على الله أن يوجره ولا يخلف عليه الخبر وجه الدلالة انها صريحة في اعتبار قول الناس أو المؤمنين الذي أعلى أفراده الاستفاضة والشياع وبعبارة أخرى انه (عليه السلام) أوجب على إسماعيل تصديق المؤمنين وترتيب الأثر على قولهم وليس هذا إلا باعتبار كون قولهم حجة مطلقا إلا ما خرج بالدليل هذه خلاصة ما يستفاد من كلماتهم في وجه الاستدلال بالرواية.
وفيه أنه ليس المراد من التصديق والمؤمنين هو المعنى الظاهر منها حتى يدل على اعتبار الاستفاضة وإلا لزم خروج المورد لقيام الاجماع ظاهرا على عدم اعتبار الاستفاضة في شرب الخمر بل المراد منهما ما هو المراد في قوله تعالى يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين وهو التصديق المخبري وجنس الفرد بمعنى عدم تكذيبهم لا ترتيب الأثر على قولهم وإلا لم يكن الرسول (صلى الله عليه وآله) أذن خير لجميع المؤمنين وإن شئت قلت إن تمامية الاستدلال بالرواية موقوفة على مقدمتين إحديهما كون المراد من التصديق هو جعل المخبر به واقعا وترتيب الأثر عليه بحسب الواقع لا جعل المخبر صادقا وعدم اتهامه بالكذب ثانيتهما كون المراد من المؤمنين هو المعنى الجمعي لا الجنس الانفرادي وكلتاهما غير ثابتتين أما الأولى فللقطع بكون المراد من التصديق هو التصديق المخبري لا الخبري وإلا لم يناسب الاستشهاد بالآية التي يكون المراد من التصديق فيها هو المخبري قطعا وأما الثانية فللقطع أيضا بعدم كون المراد من المؤمنين هو المعنى الجمعي بل المراد منه في الخبر هو المراد منه في الآية ضرورة تصديقه (عليه السلام) كل واحد من المؤمنين وإن كان منفردا كما يشهد له مورد نزول الآية فهو من قبيل قوله تعالى ان الناس قد جمعوا لكم الذي يكون المراد منه هو نعيم بن مسعود.
فإن قلت كيف ينكر كون المراد من التصديق في الرواية هو المعنى الظاهر منه مع أن الإمام (عليه السلام) ذم إسماعيل على عدم ترتيب الأثر على اخبار المؤمنين لا على تكذيبهم وعدم الاعتناء بقولهم.
قلت نهي الإمام (عليه السلام) إسماعيل عن اعطاء الدنانير لم يكن من جهة لزوم ترتيب أثر الصدق على اخبار المؤمنين بل إنما كان من جهة الاحتياط فإن أبيت إلا عن ظهور الرواية في التصديق الخبري فلا بد من حمل المؤمنين