نقول بانعزال النائب بعزل الامام وإن لم يعلمه اللهم إلا أن يقال من جهة لزوم الاختلال والهرج والمرج بل والضرر بعدم الانعزال في المقام أيضا وليس ببعيد وعلى تقديره لا يضر بما نحن في صدده من كون الانعزال هو مقتضى القواعد.
فإن قلت من أين ثبت ان نصب القاضي والنائب مثل التوكيل حتى يجري فيه ما يجري في الوكيل من انعزاله بموت الموكل من حيث ذهاب الاذن المشروط في بقاء الوكالة لم لا يكون من قبيل التصرف واعطاء المنصب حتى يحكم بدوامه وعدم ارتفاعه بموت الامام كساير تصرفاته المقتضية للدوام بل الظاهر كونه من قبيل الثاني لا الأول.
قلنا لسنا ندعي كون نصب القضاة والنواب من قبيل التوكيل على سبيل اليقين حتى يقدح فيه احتمال كونه من قبيل التصرف بل إنما حكمنا به من جهة كونه القدر المتيقن من النصب حيث إن أقل مرتبته الاذن المطلق المجامع لكل مراتب النصب ومعلوم أنه لا يضر في ذلك احتمال كونه من قبيل التصرف المقتضي للدوام فافهم وتأمل.
ثانيهما ما ذكره في مسالك الأفهام ويستفاد من كلام غيره أيضا وهو ان ولاية القاضي متفرعة على ولاية الإمام (عليه السلام) ومعلوم ان ولاية الامام تزول بالموت فيزول ولاية القاضي أيضا من حيث استلزام زوال الأصل زوال الفرع هذا محصل ما ذكره في المسالك وليس الوجه في زوال الأصل وهو ولايته (عليه السلام) بالموت هو اختصاص ولايته بعصره كما توهمه بعض واستوجه به ما في المسالك حتى يرد عليه ايراد بعض المحققين من قيام الاجماع والضرورة من مذهبنا على ولاية الإمام (عليه السلام) على (في خ) جميع الأعصار بل الوجه فيه هو ان ولاية القاضي إنما هي متفرعة على ولاية الامام القائمة بالحياة الصورية نظير ولايته على أطفاله وأمواله إذ لا إشكال في زوال تلك الولاية بالموت وقيامها بحياته الصورية إذ لا يعقل أن يقول أحد انه إذا مات الامام يبقى ولايته فلا يورث عنه أحد وكذلك يبقى ولايته على أطفاله و الأوقاف والصدقات إلى غير ذلك بل من المعلوم بديهة زوال تلك الولاية بالموت من حيث قيامها بحياته الصورية فالمقصود ان الولاية التي يتفرع عليها ولاية القاضي هي من تلك القبيل ونظير هذا ما ذكروه في مسألة الوكالة في انعزال الوكيل بموت الموكل مع قطع النظر عن ذهاب الاذن وهو فوات متعلق الوكالة من حيث خروج الموكل فيه عن سلطنة الموكل فارتفاع ولاية القاضي في المقام إنما هو من جهة فوات متعلقها وهو ولاية الامام القائمة بحياته الصورية فمسألة انعزال نائب الإمام (عليه السلام) بموته مثل مسألة انعزال الوكيل بموته من تلك الحيثية أيضا هذه خلاصة ما ينبغي أن يذكر في انعزال النائب بموت الامام في هذا المقام.
واستدلوا على عدم الانعزال بوجوه كلها ضعيفة.
أحدها الاستصحاب من حيث ثبوت الولاية وجواز التصرف قبل الموت ولم يعلم زواله بالموت فيستصحب لما دل على عدم جواز نقض اليقين بالشك وفيه أولا عدم جريان الاستصحاب في المقام من حيث رجوع الشك فيه إلى الشك في المقتضي حيث لم يعلم أن ولايته من جهة الاذن المرتفع بالموت أو التصرف الباقي بعده فيرجع إلى أصالة عدم جواز الحكم والتصرف فالأصل في المسألة هو عدم البقاء لا البقاء كما لا يخفى وثانيا ثبوت الدليل على ارتفاعها بالموت فليس هنا شك حتى يجري معه الاستصحاب.
ثانيها لزوم الضرر العام من القول بالانعزال لخلو البلدان من الحكام إلى أن يجدد الامام اللاحق نوابا فيعطل المصالح وفيه منع لزوم الضرر العام الذي يجب دفعه بحكم العقل والنقل بمجرد الانعزال وعلى فرض لزومه لا يلزم منه تعين بقاء القاضي على ولايته بل يمكن الفرار منه بالتزام شئ آخر مثل إلزام المتخاصمين بالرضاء على الرجوع