واما توضيح الكلام في حكم المقام فيقتضي بسطا فنقول ان ما قيل أو يقال في حكم المقام وجوه أحدها ما حكاه السيد المتقدم عن الارشاد من أنه يجوز الانتزاع ما لم يوجب ضررا وظاهره الضرر على الخصم فلو أوجب ضررا فلا يجوز له بل عليه رفع الامر إلى الحاكم ثانيها ما حكاه أيضا عن شارحه المولى الأردبيلي من أنه يجوز ما لم يوجب فعلا محرما ولو بفعل ما لا يدخل الضرر عليه فالغاية هو لزوم الفعل المحرم ثالثها ما يظهر من ثاني المحققين في شرحه على القواعد ومن غيره في غيره من أنه يجوز الانتزاع ما لم تثر فتنة وان أوجب ادخال ضرر يسير على الخصم ككسر قفله وتمزيق ثيابه ونحو ذلك رابعها ما ذهب إليه السيد المتقدم من جوازه ولو أوجب فتنة ما لم تصل إلى حد القاء العداوة بين القبايل.
وتحقيق الحق من هذه الأقوال يتوقف على تصوير ما يتصور في المقام من الصور فنقول من يريد انتزاع ماله من يد خصمه فلا يخلو إما أن يمكن له رفع الامر إلى الحاكم واثبات حقه عنده أو لا وعلى الأول إما أن يستلزم رفعه إليه تأخيرا يوجب ادخال الضرر عليه أو لا يستلزم ذلك سواء كان برفع القيد الأول أو الثاني وعلى جميع التقادير إما أن ينكر خصمه عنادا أو عن اعتقاد كونه حقا له.
ثم إن الكلام في المقام فيما إذا لم يمكن أخذ العين خفية من دون استلزام شئ من المفاسد الآتية وإلا فالمتعين هو كما لا يخفى وجهه.
فإن أمكن له رفع الامر إلى الحاكم من دون ورود ضرر عليه بالتأخير أصلا مع إمكان اثباته عنده كما هو الظاهر في فرض القوم وكان انكار خصمه من غير عناد فالذي هو قضية الأصل الأولي هو القول الثاني لعدم معارضة استنقاذ المال مع ما يقتضي الحرمة لامكان التوصل به بالمقدمة المباحة وهي رفع الامر إلى الحاكم.
وما يقتضي الخروج عنه ليس إلا قوله الناس مسلطون على أموالهم وفحوى قوله لي الواجد يحل عقوبته وعرضه الوارد في الدين وتقريب الاستدلال بالأول ان مقتضى اعطاء السلطنة بالمالك هو جواز أخذه ماله عن يد الغير وان استلزم فعلا محرما كالدخول في داره بغير اذنه مثلا وبالثاني ظاهر فإنه إذا دل على حلية - العقوبة والعرض في أخذ الدين فدلالته في العين على حليتهما أولى فضلا عن دلالته على جواز فعل الحرام كالتصرف في ماله وفي الأول تأمل هذا كله فيما لا يوجب ضررا على الخصم وإلا فلا يجوز لحكومة لا ضرر على قوله الناس مسلطون وفي الثاني منع إما أولا فلان غاية ما يستفاد من الحديث حلية عقاب الواجد المماطل في الجملة لكنه لا اطلاق له بالنسبة إلى المعاقب وانه كل من تأتي منه فالقدر المتيقن منه حاكم الشرع فهو نظير ما دل على أن من زنى أو سرق وجب إقامة الحد عليه في سكوته عن المقيم.
ويمكن أن يقال إن هذا خلاف ما فهمه الأصحاب من الحديث فإنهم حكموا في مسألة الدين على جواز العقوبة للمدعي أيضا فتأمل - وأما ثانيا فلانه على فرض تسليم دلالته على الاطلاق نمنع صدق إلى علي الخصم في الفرض لأن المفروض اعتقاده بكون ما يدعيه ماله ومما ذكرنا يمكن لك الإحاطة بأدلة سائر - الأقوال والجواب عنها. فإن دليل القول الأول الناس مسلطون مع قوله لا ضرر ولا ضرار ودليل الباقي الناس مسلطون وفحوى قوله لي الواجد يحل عقوبته وعرضه مع ملاحظة ما دل على وجوب ترك ما يوجب اختلال النظم وقد عرفت الجواب عنها.
وإن أمكن له رفع الامر إلى الحاكم لكن مع تأخير يوجب ضررا على المدعى فلا إشكال في جواز