لا فرق فيما ذكرنا بين القول بتلقي البطن الثاني من الواقف أو الموقوف عليه لان معنى تلقيه من الموقوف عليه ليس كونه إرثا حتى لا ينافيه القسمة بل بمعنى آخر وذكرنا تفصيل القول فيه فيما تقدم فراجع فهو محجور في التصرف الذي يوجب تغيير المال عن الحالة المنتقلة إليه.
فظهر مما ذكرنا فساد ما توهمه بعض من الفرق في الحكم المذكور بين القولين هذا ووجه الثاني أيضا ظاهر بعد البناء على ما مر في مفهوم القسمة من أنها افراز للحق في انظار العرف وإن كان لازمها النقل عقلا فتأمل ثم إن هنا صورة لقسمة الوقف لا إشكال في جوازها على تقدير القول بصحة قسمة الوقف والطلق حسبما هو المشهور المدعى عليه الاجماع وهي أن يكون المالك للمال الموقوف عليه اثنين على سبيل الإشاعة فوقف أحدهما نصيبه على زيد والآخر على عمرو فإنه لا إشكال في قسمته حينئذ ولعلها خارجة عما ذكروه من عدم جواز قسمة الوقف ذكره الأستاذ العلامة.
ثانيها انه لو ظهر بعد القسمة عيب فهل يحكم بفساد القسمة كما عليه جماعة أو بصحتها وخيار من ظهر العيب في نصيبه بين الفسخ والأرش كما عليه العلامة في التحرير وجهان أوجههما الأول نظرا إلى كشفه عن عدم حصول التعديل فيكون القسمة باطلة ووجه الثاني ما ذكره الأستاذ العلامة من أن فوات الأوصاف لا ينافي التعديل عرفا خصوصا في القسمة العينية وفيه ما لا يخفى على المتأمل هذا مضافا إلى ما ذكره الأستاذ العلامة من أن الحكم بلزوم الأرش على الشريك في المقام على تقدير اختياره إياه لم يدل عليه دليل أصلا لان أصل لزوم الأرش في البيع في صورة وجود العيب خلاف القاعدة والمخرج غير شامل للمقام فتأمل.
ثالثها انه هل يجري التفاسخ والإقالة في القسمة أو لا وجهان بل قولان أولهما للفاضل رحمه الله في القواعد ثانيهما لبعض المشايخ وفاقا لبعض من تقدم عليه للأول عموم أدلة الإقالة لان مفهوم الإقالة غير مختص بالبيع بل يتحقق في كل تعاهد وتبان وقوله الناس مسلطون على أموالهم فكما انه يجوز الاستدلال به لاثبات مشروعية أصل القسمة كذلك يجوز الاستدلال به لاثبات مشروعية رفعها هذا وللثاني عدم إمكان تحقق موضوع الإقالة في المقام عقلا حتى يترتب عليها حكمها لأجل ما ذكر والوجه فيه أن الإقالة عبارة عن عود الشئ إلى ما كان عليه سابقا وهذا المعنى لا يمكن تحققه في المقام لأنه بعدما حصل الافراز والتعيين لا معنى للعود للإشاعة هذا وفيه منع عدم الامكان لأنه كما يكون الافراز بيد العرف كذلك يكون العود إلى الإشاعة بيد العرف فلا واقعية له إلا بحكمهم ونحن نراهم حاكمين بإمكان العود بل بنائهم عليه فإن أريد من عدم إمكان العود وهو عدم الامكان بحسب العقل كما هو الظاهر فيرد عليه مضافا إلى عدم اختصاصه بالفرض بل يجري في البيع وأشباهه أيضا كما لا يخفى انه لا دخل في المقام للعقل بل المحكم فيه العرف ليس إلا وإن أريد منه الامتناع بحسب العرف فنمنع من امتناعه بالنظر إلى حكمهم ولهذا يحكمون بتحقق الإشاعة في صورة امتزاج المالين المعينين والقول بأن المزج هنا سبب لتحقق الإشاعة والخروج عن التعيين بخلاف المقام فإنه لا سبب له أصلا فيه ما لا يخفى لان السبب في المقام أيضا موجود وهو تبانيهم على العود وبالجملة لا أرى وجها للمنع من تحقق الإقالة موضوعا في المقام فالحق هو القول بجريان التفاسخ في القسمة.
رابعها ان المشهور بين الأصحاب بل المحكي عليه الاجماع في كلام جماعة عدم جريان القسمة في الدين فلو كان للمورث مالان في ذمة شخصين أو مالان في ذمة شخص واحد بحيث كانا متميزين لا يجوز للورثة تقسيمهما بالقرعة أو بغيرها واستشكل فيه الأستاذ العلامة دام ظله بأنه بعد البناء على تحقق الإشاعة والاشتراك