في مسألة تقسيم الحبوب ما هذا لفظه إذا كان بينهما أنواع من الحبوب حنطة وشعير وذرة ودخن وباقلا ونحو ذلك فطلب أحدهما أن يقسم كل صنف على حدته وقال الآخر بل يقسم بعضها في بعض بالقيمة بجعل الحنطة والذرة سهما والدخن والعدس سهما بالقيمة قدمنا قول من طلب أن يقسم كل صنف على حدته وأجبرنا الآخر عليها لان القسمة افراز حق لإزالة الضرر وذلك حاصل إذا قسم كل صنف على حدته وأما إذا جعل الكل واحدا وقسم لم يحصل المقصود له في كل صنف من ملكه انتهى ما أردنا نقله من كلامه وهو كما ترى ظاهر بل صريح فيما ذكرنا من الصورة وقد صرح العلامة في التحرير والقواعد حسبما حكى عنه الأستاذ العلامة بأن القسمة بحسب القيمة والمالية إنما هي فيما إذا لم يمكن التقسيم بحسب العينية وإلا فلا يجبر عليها قطعا.
ثم إن المراد من الغرض العقلائي الذي ذكروه في كلماتهم كل غرض يلزم من خلافه ضرر على صاحبه لا بمعنى النقص في العين أو خروجه عن قابلية الانتفاع به كما سيجئ في معنى الضرر الذي يشترطون عدم لزومه في قسمة الاجبار وإلا فما عللوا به الحكم بعدم جواز ملاحظة القيمة بعد إمكان ملاحظة التقسيم بحسب العين من اختلاف الأغراض باختلاف الأعيان لا دليل عليه أصلا وهل المعتبر في تعلق الغرض هو تعلقه بحسب النوع أو بحسب شخص المقام وجهان الأقرب بمقتضى الاعتبار بل الدليل هو الثاني.
ثم من اشتراط عدم تعلق الغرض بالعين في القسمة بحسب القيمة حدث أقوال ثلاثة في جريان الاجبار في متفاوت الأجزاء أحدها عدم جواز الاجبار في القسمة بحسب المالية مطلقا بل قسمة تراض ليس إلا نظرا إلى اختلاف تعلق الأغراض باختلاف قيمة الأعيان المشتركة ثانيها جواز الاجبار فيها مطلقا فيما إذا لم يتعلق غرض بالعين والقول بتعلقه به دائما مجازفة بينة ثالثها التفصيل بين ما إذا كان الأعيان المشتركة متفقة بحسب - النوع وان اختلف قيمتها وبين ما إذا كانت مختلفة كاللب (كالبيت خ) والحمام والحنطة والثوب إلى غير ذلك بجواز الاجبار في الأول دون الثاني نظرا إلى اختلاف الأغراض في الثاني غالبا وإليه ينظر كلام العلامة في القواعد في الحكم بعدم جواز قسمة العبد والجوهر وان عدلت قيمتهما هذا كله فيما إذا لم يكن في القسمة ضرر.
وأما إذا كان فيها ضرر فلا يخلو إما أن يرد عليهما أو على الطالب أو على الممتنع فإن ورد عليهما فلا اشكال في عدم جواز الاجبار بالقسمة لما دل على نفي الضرر والضرار في الشريعة ولا يعارضه قوله (صلى الله عليه وآله) الناس مسلطون على أموالهم لحكومته عليه في المقام حسبما تقدم تفصيل القول فيه سابقا وإن ورد على الممتنع فلا إشكال في عدم جواز اجباره على القسمة لما تقدم من الوجه فيكون الشركة باقية بينهما إلا مع حصول التراضي بينهما فيقسمان حينئذ وإن ورد على الطالب فلا إشكال في جواز اجباره الممتنع على القسمة لعدم مانع عنه أصلا فيرجع إلى قوله الناس مسلطون على أموالهم لا يقال إذا أورد الضرر من القسمة على الطالب لا يجوز اجبار الممتنع لأنه سفه لأنا نقول بعد المنع من كلية الكبرى انه قد يقدم العاقل الرشيد على الضرر من جهة تعلق غرض عقلائي به فلا يكون فيه سفاهة حينئذ هذا.
ثم إن المراد من الضرر المانع من القسمة هل هو عدم الانتفاع بالنصيب أصلا أو نقصان قيمته أو عدم الانتفاع به منفردا بما كان ينتفع به مع الشركة أو نقصان القيمة نقصانا فاحشا وجوه بل أقوال والأولان للشيخ في موضعين من المبسوط وللعلامة رحمه الله والثاني للشيخ في ف وللمصنف في المتن والأخير للشهيد في المسالك ودليل الكل ما دل على نفي الضرر في الاسلام وإنما الاختلاف في الصغرى فالحق الرجوع في معنى الضرر إلى العرف ولا إشكال في صدقه عندهم على نقصان المال نقصانا معتدا به بحسب قيمة النصيب قلة وكثرة فالمراد من الضرر فيما نحن