ودخوله في ملك الشريك الآخر من جهة لزوم الضرر عليه على تقدير عدم تشريع هذا الحكم هذا ملخص ما افاده الأستاذ العلامة في بيان الاشكال على الروايتين.
ولكنه قد تنظر فيه إما فيما ذكره في الرواية الأولى فبأن القسمة وإن استلزمت عقلا للتصرف في مال الغير والتسبب لانتقاله جزء منه عنه إلى غيره لكنها عند العرف ليس إلا عزل الحق وافرازه عن غيره حسبما عرفت في طي كلماتنا السابقة فما يأخذه الشريك بالقسمة هو عين ما كان له قبلها عند العرف فهي عندهم تصرف في نفس المال وتسلط عليها (عليه خ) ومنعه عنها حجر له عن التصرف في ماله ولهذا تراهم يقولون إذا امتنع أحد الشريكين عن القسمة انه منع من أخذ صاحبه حقه ولا يعطيه ويقبحونه ويذمونه على ذلك ومن المعلوم ان الرواية منزلة على ما يفهمه العرف على ما هو البناء عليه في جميع الألفاظ لا على الدقة العقلية فكان الإشاعة والتعيين من أحوال المال عند العرف لا أن يكون المال المشاع والمعين طبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة فالتسلط على التعيين عين التسلط على المال منه ويظهر اندفاع النقص بشمول الرواية لتسلط الممتنع على الامتناع لأنه أيضا مسلط على ماله لان الشريك الطالب للقسمة إنما يريد عزل نصيبه وأخذه وهو ليس منافيا لتسلط الآخر على ماله حتى يعارض بشمول الرواية له بخلاف ما لو قلنا له الامتناع عن القسمة فإن معناه جواز حجر الشريك الآخر عن التصرف في ماله بالعزل والاخذ.
وأما فيما ذكره في الرواية الأخيرة فبأنه بعد البناء على كون المال المعين بالقسمة هو المال المشاع عند العرف ولم يتغير إلا وصف من أوصافه من حيث إن القسمة ليست إلا عزل النصيب عندهم لا إشكال في دلالة الرواية على تشريع القسمة في الصورة المفروضة لأن عدم تشريعها مستلزم لورود ضرر على الطالب وليس الحكم بجوازها مستلزما لورود ضرر على الشريك الآخر حسبما هو المفروض لان قسمة الاجبار فيما لم يكن هناك ضرر على الشريك ولا رد منه هذا ملخص ما ذكره دام ظله في الجواب عما أورده على الروايتين من الاشكال.
ولكن يمكن الايراد عليه بأن القسمة وإن كانت عند العرف عبارة عن افراز الحق حسبما تقدم القول فيه لكنه قد تقدم أيضا انها ليست بافراز حقيقة وواقعا كما يتصور في صورة الالتباس والاشتباه وإنما هي افراز جعلي لا واقع له إلا بالجعل فبالقسمة يصير كل من الشريكين مالكا لمال معين لا انه كان مالكا له قبل القسمة فهي لا تنفك عن نقل جزء من مال كل منها إلى الأخر عند العرف أيضا والحاصل ان القسمة كما تكون عبارة عن عزل النصيب عند العرف كذلك المال المشاع عندهم غير المال المعين بحسب الواقع حسبما مر تفصيل القول فيه فإن ما ذكرنا في معنى المشاع سابقا لم يكن معنى له بحسب العقل بل إنما كان معناه بحسب العرف فبعد كون المال المشاع عندهم غير المال المعين وإن ملكية أحدهما غير ملكية الآخر كيف يمكن أن يقال إن القسمة عندهم غير ملازمة للنقل كيف ولو كان كذلك للزم القول بجواز القسمة من جهة الروايتين من دون اذن الشريك واطلاعه أصلا والقول بأنه مستلزم لتجويز التصرف في مال الغير فانا لا ننكر ذلك وإنما المنكر هو النقل فلا يمكن الحكم بجوازه ولهذا يقبحون العقلاء من قسم من الشريكين المال بدون اطلاع صاحبه فاسد حيث إن عدم جواز التصرف من حيث التكليف لا ينافي ثبوت الوضع كما لا يخفى عليك فتأمل في المقام فإنه من مزال الاقدام.
ثم إنه ذكر الأستاذ العلامة بعد رفعه الاشكال من الاستدلال بالروايتين حسبما هو المعروف بينهم وان مقتضى تمامية الاستدلال بهما كون قضية الأصل الأولي بعد تشريع القسمة في الجملة جريان قسمة الاجبار في كل