لا يعقل في القسمة تفاضل أصلا لفرض أخذ كل من الشريكين مقدار نصيبه وعلى الثاني فإن أريد به الأول فهو غير معقول لان القسمة حسبما عرفت في تعريفها عبارة عن تمييز النصيب وافرازه عن الآخر ومن المعلوم عدم حصوله في الفرض وإن أريد به الثاني أي غير القسمة فهو خروج عن محل البحث والمقصود التعميم بالنسبة إلى القسمة وقد حكى الأستاذ العلامة عن العلامة في القواعد انه ذكر فيه نظير عبارة المصنف فيتوجه عليه الاشكال المزبور أيضا فتأمل وراجع إليه هذا.
وقد أجاب مولانا المرزا محمد عن الاشكال المذكور في هوامشه على المسالك هذا لفظه يمكن أن يقسم الربوي متفاضلا بأن يأخذ أحدهما الأقل لجودته والآخر الأكثر لردائته ويكون الجودة في مقابلة الأكثر فلو كان بيعا كان رباء فتأمل انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه وأشار بقوله فتأمل إلى فساد ما ذكره من التوجيه لأنه خروج عن قسمة الاجبار إذ هي فيما لا يشتمل على رد بالمعنى الأعم الشامل للمقام أيضا.
والعجب من بعض مشايخنا حيث اعتمد في دفع الاشكال المذكور بما ذكره مع الجزم به من غير إشارة إلى فساده حيث قال بعد نقل ما عرفت من المسالك ما هذه لفظه وفيه أن المراد بيان جواز قسمة الربويات بالتفاوت من حيث الجودة والردائة فلو كان الحب مشتركا وفرض اختلافه على وجه يكون الوزنتان من بعضه تقابل بالوزنة من غيره فعدلا السهام بذلك واقتسماه على هذا الوجه فإنه لا إشكال في صحة القسمة عندنا انتهى ما أردنا حكايته.
وفيه ما عرفته من أن ما ذكرنا إنما يجري في غير قسمة الاجبار وأما فيها فلا وإلا فلا اختصاص للفرض بالجودة والردائة بل يمكن في الزيادة الكمية أيضا كرطل من الحنطة ورطلين من الشعير وبالجملة لا إشكال في أن التفاضل لا يجري عندهم في قسمة الاجبار هذا مع أن ما ذكره المجيب في شرح عبارة المصنف ينافي ما ذكره من فرض التفاضل في المثال المذكور فإنه اعتبر في المتساوي كون أجزائها متساوية بحسب القيمة والوصف و معلوم ان هذا المعنى لا يجامع مع الفرض المزبور وقد يجاب أيضا بأنه يمكن فرض التفاضل في الجودة والردائة على تقدير القول ببقاء كل من الجيد والردئ في ملك مالكه ولكنك خبير بفساده أيضا لان القول ببقاء الملك في الصورة يمنع من تحقق الشركة بينهما كما لا يخفى فلا معنى لتحقق القسمة هذا.
وأجاب الأستاذ العلامة دام ظله العالي عن الاشكال المذكور بأن التعميم المذكور ليس من أحكام قسمة الاجبار حتى يرد عليه ما ذكر بل إنما هو من أحكام متساوي الأجزاء مستقلا كما أن جريان قسمة الجبر فيه أيضا من أحكامه لكنه تنظر في الجواب المذكور أيضا بأنه خلاف ظاهر العبارة فإن ظاهر قوله والأول يجبراه جريان الاجبار في جميع أقسام الأول لا انه يجري في بعض أقسامه فالحق ان الاشكال وارد على ظاهر العبارة.
إذا عرفت ذلك فلنصرف العنان إلى الكلام في أصل المسألة فنقول انك كما عرفت في طي بعض كلماتنا السابقة ان الأصل في القسمة من حيث كونها معاملة بالمعنى الأعم حسبما عرفت تفصيل القول فيه لكنه قد ثبت جوازها بالأدلة الثلاثة بل الأربعة كذلك مقتضى الأصل بعد تشريع القسمة في الجملة فساد القسمة الاجبارية وعدم جوازها في الشريعة.
ويدل عليه وجوه من الأدلة أحدها قوله (صلى الله عليه وآله) الناس مسلطون على أموالهم ودلالته على المدعى ظاهرة ثانيها قوله لا يحل مال امرء مسلم لامرء إلا بطيب نفسه حيث إنه ليس مسوقا لبيان الحكم التكليفي مجردا و هو حرمة التصرف في مقابل الغير بدون رضاه بل هو مسوق لبيان الحكم الوضعي أيضا وانه لا يجعل مال أحد لغيره