إن شاء الله وكيف كان أجيب عنه بوجوه.
أحدها ما يستفاد من كلام بعضهم من منع العموم فيما دل على اعتبار القرعة فإن الظاهر من جميع ما ورد في اعتبارها الاختصاص بما إذا كان الحق معينا بحسب الواقع مجهولا في نظرنا وأما ما لا يكون له تعين واقعا كما في المقام فلا يشمله أخبار القرعة.
وفيه أن ظاهر أكثر أخبار القرعة وإن كان الاختصاص بما كان الحق معينا في الواقع إلا أن ظاهر بعضها التعميم مثل ما رواه في المفاتيح من أن رجلا من الأنصار أعتق ستة عبيد في مرض موته ولا مال له غيرهم فلما رفعت القضية إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قسمهم (سهمهم خ) بالتعديل وأقرع بينهم وأعتق اثنين بالقرعة ومثل ما رواه الشهيد في قواعده من اقراع النبي (صلى الله عليه وآله) بين أزواجه إلى غير ذلك من الروايات التي يظهر منها التعميم.
هذا مضافا إلى ما ذكره بعض الأساطين بعد الاستدلال بالرواية والآية الشريفة إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم على التعميم من قيام الاجماع على اعتبار القرعة في الموضعين وهو كذلك كما يعلم من الرجوع إلى كلماتهم في باب تزاحم الحقوق وغيرها مثل تزاحم المتعلمين والمدعيين والإمامين إلى غير ذلك من الفروع فإن كلمتهم مطبقة على الرجوع إلى القرعة في الموارد المذكورة وغيرها بل الرجوع إلى القرعة في المقام أيضا في الجملة ولو في صورة التنازع الظاهر أنه قد انعقد الاجماع عليه نعم يظهر من الشهيد الثاني في مواضع من الروضة الاشكال في شمول أدلة القرعة لما لم يكن الحق معلوما واقعا لكنه أيضا تسالم اعتبارها في المقام في الجملة.
هذا مضافا إلى ما ذكره الأستاذ العلامة من إمكان ادراج ما لا تعين له بحسب الواقع في جميع عمومات القرعة بأن يقال إن لما أخرجه القرعة لكل من الشريكين خصوصية وتعلق به بحسب المرجحات الجزئية التي يعلمها الله تعالى وإن كانا متساويين فيه بحسب ما وصل إلينا من الضوابط والمرجحات الكلية فإن هذا لا ينفى وجود المرجحات الجزئية وهذا نظير ما ذكروه في الاستخارة من أنها كاشفة عن المرجحات الجزئية فيما يتعلق (يتعين خ) بها وإن كان متساويا مع خلافه في نظرنا بحسب المرجحات الكلية الواصلة إلينا من الشرع فعدم وجود المرجح الكلي لا ينفي وجود الجزئي.
فنقول ان مقتضى قوله (عليه السلام) في الاخبار ان القرعة لا تخطئ أن يكون لما عينته القرعة خصوصية وتعلق بمن عينته له في نظر الله تبارك وتعالى بحسب المرجحات الجزئية هذا ملخص ما ذكره دام ظله.
ويمكن أن يورد عليه بعد امكان ادعاء التسوية بين الشريكين في المال المشترك من جميع الجهات حتى بالنظر إلى المرجحات الجزئية بأن ما ذكره من التوجيه إنما هو بعد تسليم شمول الروايات لأمثال المقام فإنه يمكن أن يقال حينئذ من جهة بطلان الترجيح بلا مرجح انه لا بد أن يكون هناك مرجحات جزئية في نظر الشارع والمدعى عدم شمولها للمقام لأن الظاهر منها الاختصاص بصورة الالتباس والاشتباه هذا مع أن لنا ان نقول بأن جريان القرعة في المقام بعد القطع به من جانب الشرع لا يحتاج إلى مرجح أصلا لان مرجع ايجاب الشارع القرعة في الفرض إلى امضاء بناء العرف على التقسيم بها ومعلوم ان بنائهم عليها ليس من جهة وجود مرجحات جزئية لأنك قد عرفت أن القسمة مميز جعلي لا واقعي فالقرعة (1) محدثة للتميز لا كاشفة عنه فتأمل