لان الحكم بعدمه محجر للمالك في بعض أفراد التصرف وهو ينافي قضية دلالة الرواية بالعموم أو الاطلاق على سلطنته على جميع التصرفات ولكن لو شككنا بعد القطع بأنه يجوز له تمليك ماله بالغير في أنه هل اعتبر فيه عند الشارع كيفية خاصة كالصيغة والعربية والماضوية مثلا فلا يصح لنا التمسك به على نفي اعتبار هذه الأمور لان الحكم بعدم جواز التمليك بدون الصيغة مثلا ليس منعا للمالك عن بعض أفراد التصرف كما كان لو منعناه عن أصل التمليك لان التمليك بدون الصيغة ومعها ليسا فردين للتصرف بل هما من كيفيات التصرف فنقول له انه يجوز لك التمليك لكن مع الصيغة وبالجملة الرواية غير مسوقة لبيان كيفية التصرف في المال وليس لها اطلاق بالنسبة إليها أصلا فهي من هذه الجهة نظير قوله (صلى الله عليه وآله) النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني فإنه لا يجوز التمسك به لعدم اعتبار العربية في صيغة النكاح لو شككنا فيه كما لا يخفى ففي ما نحن فيه لو قيل بالشريكين تصرفوا في مالكم بالسبب الفلاني لم يكن حجرا لهما عن التصرف في المال فتأمل.
ثانيها قوله لا يحل مال امرء لامرء إلا بطيب نفسه والمفروض تحقق طيب النفس من المالكين فيدل على عدم الاحتياج بشئ آخر وفيه أيضا ان الرواية ليست مسوقة لبيان سببية طيب النفس ورضائها للحلية بل هي مسوقة لبيان ان الحلية لا تتحقق بدون الرضاء وبالجملة هي مسوقة لبيان شرطية الرضاء لا سببيته وهذا أمر ظاهر لا خفاء فيه لمن تأمل في الرواية ونظايرها كقوله لا صلاة إلا بطهور ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب و أمثالها مما يدل على مدخلية مدخول إلا لا سببيته.
ثالثها قوله تعالى لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض وفيه منع صدق التجارة في المقام كما لا يخفى على من راجع ما أسلفناه في طي كلماتنا السابقة.
رابعها ما ذكره بعضهم من أن بالتراضي يحصل التميز الذي هو مفهوم القسمة فلا معنى للاحتياج إلى شئ آخر وفيه ما لا يخفى على المتأمل لان صيرورة مجرد التراضي مميزا ومزيلا للشركة إنما هو بعد ثبوت كفايته من الشرع فلو أريد اثبات كونه كافيا بكونه مميزا لزم عليه الدور الظاهر اللهم أن يكون المراد مما ذكره هو التمسك بالعمومات بتقريب ان بمجرد التراضي بعد التعديل يحصل التميز العرفي والقسمة العرفية فيدل ما دل على امضاء القسمة العرفية بالعموم على كفايته وعدم الاحتياج إلى شئ آخر وسيجئ التكلم عليه إن شاء الله.
خامسها ما دل بعمومه على كفاية كل ما يحصل به القسمة العرفية ذكره بعضهم وفيه انا لم نجد في باب القسمة عموما يدل ما ذكر.
سادسها ما ذكره المحقق الأردبيلي مع بعض الوجوه السابقة من فحوى قوله في رجلين لم يدريا كم لهما عند صاحبه فقال كل واحد لك ما عندك ولي ما عندي لا بأس إذا تراضيا وطاب أنفسهما وفيه ما لا يخفى من كونه مخالفا لفتوى الأصحاب حيث إنه دل على كفاية التراضي مع جهل كل واحد منهما بما كان عند صاحبه وقد اتفقت كلمة الأصحاب على اشتراط التعديل بين السهمين في حصول القسمة.
سابعها ما تمسك به في الحدائق من الأخبار المتقدمة وفيه أن الأخبار المذكورة ساكتة عن بيان طريق القسمة وان الرجلين بأي نحو اقتسما مالهما بالقرعة أو بالتراضي فتأمل هذا محصل ما استدلوا به للقول الأول.
واستدلوا للقول الثاني بما دل على اعتبار القرعة الشامل للمقام بالعموم أو الاطلاق فلا يجوز الاكتفاء بغيرها للأصل ولظهور الاخبار في الحصر فتأمل ومن هنا يعلم أنه لو كان فيما ورد في باب القسمة عموم أو اطلاق يدل على الاكتفاء بالتراضي أيضا لحكمنا عليه أخبار القرعة هكذا ذكره بعضهم وفيه نظر يظهر من بعض كلماتنا الآتية