حق البطن الأول من جهة يمينهم لان البطن الثاني حينئذ في عرض الأول فلا معنى للحكم بثبوت الوقفية للبطن الثاني من جهة يمين البطن الأول هذا.
ولكن يستفاد من المسالك وغيره صحة القول بعدم الافتقار إلى اليمين مع القول بالتلقي من الواقف أيضا حيث قال بعد توجيه القول بعدم الافتقار إلى اليمين بناء على القول بالتلقي من البطن الأول حسبما عرفت حكايته ما هذا لفظه ولان البطن الثاني وإن كانوا يأخذون عن الواقف فهم خلفاء عن المستحقين أولا فلا يحتاجون إلى اليمين كما إذا أثبت الوارث للميت ملكا بشاهد ويمين وللميت غريم فإن له أن يأخذه بغير يمين انتهى.
ولكنك خبير بفساده أما أولا فلانه ينافي ما ذكره أولا من ابتناء الوجهين على القولين كما لا يخفى وليس كلامه في مقام الترجيح حتى يقال بأنه تنزل (عدول خ) عما ذكره أولا فتأمل وأما ثانيا فلما عرفت من أنه على القول بتلقي البطن الثاني من الواقف يحتاج الحكم بثبوت الوقفية لهم إلى يمينهم ولا يكفي يمين البطن - الأول نظرا إلى كونهم في عرضهم وأما القياس بمسألة الغريم ففاسد من وجوه لا تخفى على المتأمل المتدبر فإن كنت شاكا فيما ذكرنا فتأمل وانظر بعين الانصاف حتى يظهر لك حقيقة ما ادعيناه هذا على القول بأن البطن الثاني يتلقون الملك من الواقف.
وأما على القول بأنهم يتلقون الملك من البطن الأول فقد يقال بصحة ما ذكره صاحب المسالك من عدم الافتقار إلى اليمين على هذا التقدير إما على المعنى الأول فلما عرفت من أن حصول الملكية للبطن الثاني من لوازم حصولها للبطن الأول فإذا ثبت حصولها للبطن الأول بالشاهد واليمين تثبت في حق البطن الثاني أيضا لما قد عرفت من ثبوت لوازم الشئ بثبوته بالشاهد واليمين واما على المعنى الثاني فلانه بعد ما ثبت حصول الملك المطلق بالشاهد واليمين في حق البطن الأول فقد ثبت خروجه عن ملك الواقف بالنحو المقرر فلا يحتاج في الحكم بثبوته للبطن الثاني إلى اليمين على القول بالتلقي من البطن الأول هذا.
ولكن الحق تبعا لجماعة من الفحول توقف الحكم بثبوت الوقف للبطن الثاني على اليمين على القول بالتلقي من البطن الأول أيضا لأنا نمنع من كون حصول الملك للبطن الثاني من لوازم حصوله للبطن الأول بحيث لا يكون لجعل الواقف فيه مدخل أصلا بل من المعلوم على هذا التقدير أيضا توقف حصوله للبطن الثاني إلى جعل الواقف له فله مدخلية في التمليك قطعا واليمين إنما أثبتت جعله في حق البطن الأول فالحكم بحصوله للبطن الثاني يحتاج إلى يمينهم سلمنا كونه من لوازمه لكن نقول إن ثبوت الملزوم ظاهرا باليمين لا يلازم - الحكم بثبوت اللازم لعدم استعداد اليمين لهذا المعنى فتأمل هذا كله على تقدير كون التلقي من الموقوف عليه بالمعنى الأول وأما على تقدير كونه بالمعنى الثاني فأوضح حالا ضرورة ان لجعل الواقف وقراره مدخلا في الانتقال إلى البطن الثاني ولم يثبت بالشاهد واليمين إلا في حق البطن الأول.
ثم انك من التأمل فيما ذكرنا كله تعرف فساد الأقيسة التي ذكرها في المسالك مضافا إلى كونها قياسات يمحق الدين من التعويل عليها على ما أخبر به الصادق (عليه السلام) لوجود الفارق بين المقيس عليه فيها وبين المقام إما القياس بإرث الوارث ما أثبت ملكية المورث له بالشاهد واليمين من دون الاحتياج إلى يمينه فواضح للفرق بينه وبين المقام حسبما عرفت سابقا من أن الملك الثابت للوارث هو الملك الثابت لمورثه من غير تغيير وتبديل فيه وإنما التبديل في المالك وبالجملة الفرق بين المقامين لا يكاد يخفى على ذي مسكة وأما القياس بالشاهدين فأوضح فرقا من أن يبين لما قد عرفت غير مرة من الفرق بين الشاهد واليمين والشاهدين فإن الثاني حجة