من الإمام (عليه السلام) ان النبي (صلى الله عليه وآله) قد أكل السكر مثلا في الموضع الفلاني فإنه لا يقتضي تخصيص ما دل بالعموم على اباحته في كل موضع وهذا مما لا يخفى.
واما لأنها وإن لم ترد نقلا للفعل بل وردت لبيان الحكم الشرعي ابتداء أو ببيان من الإمام (عليه السلام) إلا أن من المقرر في محله انه لا يحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص فيما إذا كان مثبتين إلا بعد ثبوت اتحاد الموجب والتكليف ليحصل التنافي ومعلوم انه ليس في المقام ما يدل على اتحاده.
والحاصل ان اثبات شئ لشئ لا يدل على نفيه عما عداه بالنظر إلى ذاته نعم لو ثبت من الخارج ما يقتضي التنافي بين اجتماعهما في الحكم لكان اثباته له دالا على نفيه لما عداه وتفصيل القول في ذلك في الأصول.
وفيه أن من الواضح لكل من أعطى حق النظر في الروايات ان ذكر الدين فيها ليس من جهة وقوع - القضاء بالشاهد واليمين في الواقعة الخاصة من النبي (صلى الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام) فيه بل من جهة حصر الحكم وقصره فيه مع أن جملة منها كما هو معلوم لمن راجع إليها ليس فيها حكاية الفعل ونقله بل بيان لما جوز النبي (صلى الله عليه وآله) أو الوصي (عليه السلام) فيه القضاء بالشاهد واليمين.
وبالجملة حمل قوله (عليه السلام) في خبر حماد بن عثمان كان علي (عليه السلام) الخبر وخبر محمد بن مسلم قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) الخبر على أن وقع منهما في الخارج من القضاء بهما كان في قضية الدين بعيد جدا بل لا معنى له ولا يصدر إلا عن اعوجاج السليقة في فهم الكلام كما لا يخفى على الاعلام نعم لو كان لفظ الدين في الخبرين نكرة مؤخرة عن قوله شهادة رجل آه لأمكن حمله على ما ذكر مع كمال البعد فيه.
وأولى منهما (1) في الدلالة على الحصر قوله (عليه السلام) في ذيل خبر أبي بصير وذلك في الدين لأنه أقوى في - الدلالة على الحصر وجعل المشار إليه في قوله وذلك ما صدر من النبي (صلى الله عليه وآله) في القضية الشخصية فيكون اخبارا عما قضى النبي (صلى الله عليه وآله) فيه بالشاهد واليمين فلا دلالة له على الحصر بحسب الحكم الكلي في غاية البعد.
وأولى منهما في الدلالة على الحصر قوله في خبر القاسم في الدين وحده لان القضاء بهما في القضية الشخصية يلزمه الوحدة لان الموجود الخارجي يلزمه التشخص من جميع الجهات وهو معنى وحدته فلا يمكن أن يجعل قوله وحده قيدا للفعل الخارجي للزوم اللغوية بل لا بد من أن يجعل قيدا للحكم الكلي الصادر من - المصدر الأولي وهو ما ذكرنا من الدلالة على الحصر هكذا ذكره الأستاذ العلامة دام ظله العالي في بيان الأولوية وللنظر فيه مجال لا يخفى وجهه على الناظر.
وبالجملة لا ريب لمن تأمل فيما ذكرنا من الروايات وما أهملنا ذكره منها انها ظاهرة في حصر القضاء بالشاهد واليمين في الدين ومنه يعلم فساد ما ذكر في وجه عدم المعارضة أخيرا من حديث المثبتين وعدم التنافي بينهما وذلك لان مقتضى قضية الحصر نفي الحكم عن غير المحصور فيه كما لا يخفى.
هذا مضافا إلى ورود جملة منها في مقام اعطاء القاعدة والميزان فهو وجه آخر لاثبات التنافي والتعارض غير ما ذكرنا أولا هذا مضافا إلى أنه لو سلم عدم التعارض بينهما لأمكن القول مع ذلك بعدم جواز القضاء بالشاهد واليمين في غير الدين من جهة الأصل الأولي بعد ادعاء ورود المطلقات في مقام بيان القضية المهملة وهو لا يخلو عن بعد وكيف كان لا أرى الجواب حقيقا بالقبول والعجب من جمع من أجلة الأصحاب ومشايخنا الأطياب حيث اعتمدوا عليه من غير إشكال فيه والله العالم.
ثالثها ما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله وجمع ممن تقدم عيه بعد تسليم دلالة الروايات على حصر القضاء