وكون التصرف فيه موجبا لضياع الحق كذلك لا يجوز التصرف في كل جزء منها في الغير المستوعب لكونه موجبا لوقوع الحق معرض الضياع لاحتمال كون المتصرف فيه هو المتعين لتعلق الحق به لاحتمال تلف الباقي بعد التصرف بآفة من الله تعالى.
هذا مضافا إلى ما عرفت من الآية والاخبار الظاهرة في عدم جواز التصرف في التركة مطلقا إلا بعد أداء الدين سواء كان مستوعبا أو لا وادعاء اختصاصها بالأول قد عرفت فساده من حيث كونه حملا لها على الفرد النادر هذا.
وقد يستدل على الجواز بوجوه أحدها ان المقتضي للجواز موجود والمانع منه مفقود فيجب الحكم بثبوته لامتناع انفكاك المعلول عن العلة أما وجود المقتضي لجواز التصرف فيما زاد عن الدين فلانه مقتضى قضية انتقاله إلى الوارث.
وأما فقد المانع فلانه ليس ما يتصور في المقام الا بقاء ما يقابل الدين على حكم مال الميت مع عدم تعيينه وهو أيضا لا يصلح للمانعية لأنه إنما يمنع من التصرف في الجميع وأما التصرف في الزايد عن الدين فلا لأن المفروض ان في زمان التصرف في المقدار الزايد عن الدين المقدار المقابل للدين موجود فهذا التصرف ليس تصرفا فيما يتعلق به حق الغرماء ولا موجبا لتعريضه معرض الضياع أيضا.
وبالجملة الامر فيما نحن فيه ليس إلا كمسألة بيع الكلي على القول بصحته كبيع الصاع من صبرة في بعض الصور فكما أن ملكية كلي الصاع من صبرة للمشتري لا يمنع من تصرف البايع في المقدار الزائد عن صاع وإن لم يتلف من مال المشتري شيئا إلا بعد تلف الجميع كذلك بقاء ما قابل الدين من التركة فيما نحن فيه في حكم مال الميت لا يمنع من التصرف في الفاضل مع فرض وجود ما قابل الدين والوجه للجواز في كلا المقامين عدم كون تصرف المالك تصرفا في مال الغير لفرض وجود ما يقابله ويصدق عليه ويؤخذ (يوجد خ) في ضمنه.
هذه غاية ما يمكن أن يقال في توجيه هذا الدليل وفيه أنه لا وجه لمنع صلاحية بقاء ما يقابل الدين في حكم مال الميت للمانعية لان مقتضى بقائه على حكم مال الميت عدم جواز التصرف فيما يحتمل كونه مصداقا له واقعا والفاضل وإن كان مالا له إلا أنه لم يعلم أن ما يريد التصرف فيه هو الفاضل من الدين.
وأما القياس بمسألة بيع الكلي ففاسد جدا لان غير الكلي المبيع أيضا مملوك المبايع كما أن الكلي أيضا مملوك للمشتري والبايع ليس محجورا فيما يتصرف فيه لان كلما يتصرف فيه هو غير الكلي وهذا بخلاف المقام لان استقرار ملكية الوارث موقوف على عدم الدين والمفروض وجوده.
فإن قلت كما أن في مسألة بيع الكلي عنوانين أحدهما مملوك للمشتري وهو الصاع الكلي مثلا والآخر مملوك للبايع وهو عنوان غير الكلي كذلك فيما نحن فيه أيضا عنوانان أحدهما ما في حكم مال الميت وهو ما يقابل الدين والآخر داخل في ملك الورثة وهو الفاضل عن الدين وما عداه فكما تقول ان تصرف البايع في الصورة الأولى في بعض الصاع تصرف في غير الكلي وهو العنوان المملوك له لتعين التالف لصيرورته مصداقا لغير الكلي لاستحالة تلف الكلي مع فرض وجود فرد أو افراد منه كذلك نقول إن تصرف الوارث في بعض التركة تصرف فيما عدا المقابل للدين لاستحالة تحقق تلفه مع فرض وجود جملة من التركة بقدر الدين لفرض كون عنوان المقابل أيضا كليا لا يتحقق تلفه إلا بتلف جميع التركة فإن قلت إنه لا بد في جواز التصرف من احراز كون ما يتصرف فيه الوارث ما عدا الكلي قبل التصرف فصيرورته ما عداه بعد التصرف والتلف مما لا ينفع في شئ بل لا يعقل جعله مناطا في