بالشاهد واليمين في الدين من أن المراد من لفظ الدين في الروايات ليس هو خصوص معناه المعروف ليكون أخص مما دل على القضاء بهما في مطلق الحقوق المالية بل المراد منه مطلق ما يتعلق بالذمة من الحقوق المالية فمعنى قوله أجاز في الدين أي في كل دعوى يتضمن مالا في ذمة المدعى عليه فيتحد مفاده مع ما دل على القضاء بهما في مطلق الأموال.
فلا تنافي الروايات ما ذهب إليه المشهور المنقول عليه الاجماع من جماعة من الفحول بل تكون دليلا لهم بل يمكن أن يقال بأن مراد من خص من الأصحاب بالدين هو يكون ذلك أيضا فيرتفع النزاع من - البين ولهذا نفى العلامة في المختلف الخلاف عما ذهب إليه الأكثر حاملا لما في النهاية من الاختصاص بالدين على أن المراد منه مطلق المال وقد تبع العلامة في ذلك جماعة ممن تأخر عنه فحملوا كلام من ظاهره الاختصاص بالدين على مطلق المال هذا مجمل ما ذكروه في هذا الجواب.
وتفصيله بتوضيح منا ان دعوى المدعي في حقوق الناس لا تخلو إما أن لا تكون متضمنة لدعوى المال أصلا وإن ترتب المال على المدعي في بعض الأحيان.
وإما أن تكون متضمنة لدعوى المال وهذا أيضا على قسمين لان الدعوى المتضمنة للمال لا يخلو إما أن يكون نفس المدعى فيها مالا كما في دعوى الدين وأشباهه أو يكون المدعى فيها شيئا يكون المقصود منه المال وهذا على أقسام منها ما يكون المقصود منه المال نوعا كدعوى البيع والخيار وأشباههما ومنها ما يكون المقصود منه المال صنفا كدعوى الزوجية بعد موت الزوجة فإن نوع دعوى الزوجية من الزوج وإن لم يكن المقصود منها المال إلا أن دعواها بعد الموت يكون المقصود منها المال ومنها ما يكون المقصود منه المال بحسب شخص المقام وإن لم يكن المقصود منه المال نوعا وصنفا.
إذا عرفت ذلك فنقول إما القسم الأول فلا إشكال في عدم شمول لفظ الدين له وخروجه عن مورد الروايات فإنه وإن حكى عن بعض أهل اللغة اطلاق لفظ الدين على مطلق الحقوق لكنه خلاف الظاهر فلا يصار إليه لكنك قد عرفت سابقا انه ليس بين الأصحاب ظاهرا من قال بالقضاء بالشاهد واليمين في مطلق حقوق الناس فلو كان هناك قايل به أو مائل إليه لعموم لفظ حق الناس المذكور في قوله (عليه السلام) لو كان الامر إلينا لدفعناهما بظهور الروايات على خلافهما وأما القسم الثاني فلا إشكال في شمول الدين له بل لعله لا خلاف فيه.
وأما سائر الأقسام فالظاهر شمول الروايات لها أيضا فالحكم في جميعها هو القضاء بهما عند الأستاذ دام ظله وظاهر بعض وإن كان ظاهرا بعض آخر تخصيص الحكم بالقسم الأول فيصير مفاد ما ورد في القضاء بالشاهد واليمين في الدين مفاد ما روي عن ابن عباس ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال استشرت جبرئيل في القضاء باليمين مع الشاهد فأشار علي بذلك في الأموال وقال لا بعد ذلك وقد تمسك بذلك جماعة على مذهب المشهور وقد أورد عليه بعض مشايخنا بما لا يسلم عن المناقشة هذا.
وربما يتوهم ان الحكم بجواز القضاء بالشاهد واليمين في القسمين الأخيرين خرق لما اتفق الكل عليه لأنهم بين قائل بالاختصاص بالدين وبين قائل بالتعميم بالنسبة إلى ما يكون المقصود منه المال نوعا كالبيع مثلا وأما غيرهما فقد اتفقت كلمة الكل على عدم القضاء بهما فيه هذا.
وأنت خبير بفساد هذا التوهم لان من قال من الأصحاب بالتعميم بالنسبة إلى ما يكون المقصود منه المال لم يظهر منه التخصيص بالقسم الأول بل الظاهر منه كما لا يخفى عدم التخصيص به وشمول كلامه للقسمين الأخيرين