وقد أورد على الاستدلال بكل من صدر الرواية وذيلها بوجهين أما ما أورد من الوجهين على الاستدلال بصدرها فأولهما ما ذكره جماعة من أنه إذا كان ظاهر الرواية خلاف الاجماع فمن أين المعين لتقدير عدم الرد فليقدر حلف المدعي حتى يصير دليلا للقائل بعدم القضاء بالنكول غاية الأمر تردد الامر بينهما من غير ترجيح فيسقط الاستدلال بالرواية لصيرورتها مجملة وثانيهما ما ذكره بعض من معارضته بما رواه الفقيه فيسقط عن درجة الاعتبار.
وأنت خبير بعدم ورود شئ من الايرادين عليه أما عدم ورود الأول فبما قد يقال من أن تقدير عدم الرد لازم على كل تقدير إذ على القول بالقضاء بيمين المدعي أيضا لا بد من امتناع المنكر من الحلف والرد ولا يكفي الامتناع من الأول إجماعا فيبقى تقدير الحلف مشكوكا والأصل عدمه وبعبارة أخرى الامر في المقام دائر بين الأقل والأكثر فالأخذ بالأقل يقيني ويدفع الأكثر بالأصل لكن فيه ما لا يخفى.
فالأولى في الجواب أن يقال إن مقتضى إطلاق قوله وإن لم يحلف فعليه انه بمجرد عدم الحلف يلزم بالحق والقدر المتيقن من تقييده والمسلم منه صورة عدم الرد فيقتصر عليه ولا يرفع اليد عن ظاهره بمجرد احتمال تقييد آخر فيحكم حينئذ على عدم مدخلية المدعي أصلا فيلزم بالحق بمجرد الامتناع من الحلف والرد وهذا هو معنى القضاء بالنكول.
وأما عدم ورود الثاني فبأن المراد من المعارضة إن كان ان كلا مما ذكره في الفقيه والتهذيب والكافي رواية مستقلة بأن لم يطلع الشيخان بما رواه الشيخ في الفقيه وكذا العكس فيكون كلا منهما رواية بنفسها فيتعارضان ففيه انه لا تعارض بينهما أصلا لان في إحديهما تعرض لحكم صورة عدم حلف المدعى عليه ورده اليمين على المدعي وفى الأخرى تعرض لحكم صورة عدم حلفه فقط فيعمل بكل منهما لعدم التنافي بينهما أصلا وإن كان المراد منها وقوع الاختلاف في متن الرواية مع كونها واحدة فيرجح حينئذ ما رواه الشيخان في الكافي والتهذيب لكونه أرجح كما لا يخفى ولا دليل على الجمع بينهما لا كما جمع بينهما شيخنا الأستاذ أعلى الله مقامه في الجواهر ولا كما جمع بينهما في الوسائل من تقديم قوله وإن رد اليمين وتأخير فإن حلف وإن كان الجمع الأول أصح وبالجملة هذا الاختلاف الذي وقع في الرواية لا يضر ما نحن بصدده من الاستدلال بها على جواز القضاء بالنكول أصلا كما لا يخفى.
وأما ما أورد من الوجهين على الاستدلال بذيلها فأولهما ما أورده بعض سادة الفحول من أن الاستدلال بذيل الرواية إنما يتم على تقدير قراءة يرد مبنيا للفاعل وأما على تقدير قرائته مبنيا للمفعول كما هو مقتضى بعض النسخ الصحيحة فلا دلالة له على المدعى أصلا كما لا يخفى وثانيهما ما حكاه الأستاذ العلامة عن بعض الأجلة من أن التمسك به إنما يستقيم على تقدير أن يكون المراد من الالزام بالحق هو القضاء بالنكول لم لا يكون - المراد منه هو إلزامه به بمقتضى (عقيب خ) اقراره والتزامه بالحق فإذا تردد الامر بينهما فتسقط الرواية عن قابلية التمسك بذيلها وأنت خبير بعدم ورود شئ من هذين الايرادين أيضا أما الأول فلان تقابل الثلاثة يمنع من كون المراد من الرد هو رد الحاكم على ما هو مقتضى قراءة يرد مبنيا للمفعول لأنه يصير حينئذ المراد من الالزام بالحق هو الالزام به بعد رد اليمين إلى المدعي وحلفه فيخرج عن تقابله مع رد اليمين ويصير مورده منحصرا بصورة الرد وهذا كما ترى مخالف لظاهر الرواية في التقابل وكون مورد الالتزام بالحق غير مورد كل من الحلف والرد مضافا إلى كونه في مقام بيان ما يتوجه على المنكر وما يكون وظيفة له لو كان حيا وهذه قرينة أخرى