كون غيرها مثبتا لحق المدعي وهكذا الامر بالنسبة إلى اليمين في طرف المنكر فيصير المعنى انه لا يثبت حق المدعي إلا بالبينة ومعلوم ان الثبوت بالنكول ثبوت بغير البينة.
فالأولى في الجواب أن يقال بعد تسليم كون القضاء بالنكول موجبا لرفع اليد عن حصر قضية البينة على المدعي وكون القضاء في صورة الرد متيقنا أما أولا فبأنه على تقدير عدم القضاء به ورد اليمين على المدعي يلزم رفع اليد عن حصر كلتا القضيتين بخلاف تقدير القضاء به فإنه لا يوجب تصرفا إلا في ظاهر عكس القضية - الأولى ولا إشكال في أنه إذا دار الامر بين رفع اليد عن ظاهر أو عن ظاهرين يكون الالتزام بالأول أولى كما لا يخفى وأما ثانيا فبأنه على تقدير رد اليمين أيضا يلزم منه القاء الحصر بالنسبة إلى عكس القضية الثانية لان مقتضى قولنا لا منكر إلا عليه اليمين انحصار رفع الخصومة عنه باليمين والمفروض انه إذا رد اليمين على المدعي وأبى من الحلف يحكم عليه بسقوط حقه على ما هو المعروف بينهم فيوجب ارتكاب خلاف ظاهر في عكس القضية مضافا إلى ما يلزم في أصله على تقدير الحلف ومنها قوله إنما أقضي بينكم بالبينات والايمان بناء على أن يكون المراد من الايمان هو خصوص يمين المنكر ووجه دلالته على المدعي مثل ما عرفته في الخبر السابق وما ذكر فيه من الرد والجواب يأتي فيه أيضا.
ولكن قد أجاب شيخنا الأستاذ عنهما بأنهما واردان في مقام حصر وظيفة المدعي والمنكر في ابتداء الامر ولا تعرض لهما لحكم ثاني الحال وثالثها أصلا ولكنك خبير بتطرق المنع إلى هذا الادعاء وكونهما واردين في مقام حصر الوظيفة مطلقا.
ومنها موثقة عبد الرحمن التي رواها المحدثون الثلاثة قال قلت للشيخ يعني موسى بن جعفر (عليه السلام) أخبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلا يكون له البينة بماله قال فيمين المدعى عليه فإن حلف فلا حق له و إن لم يحلف فعليه كما في الكافي والتهذيب وأبدل في الفقيه قوله وإن لم يحلف الخ بقوله وإن رد اليمين على المدعي فلم يحلف فلا حق له فإن كان المطلوب بالحق قد مات وأقيمت (وجب خ) عليه البينة إلى أن قال وإن ادعى ولا بينة فلا حق له لان المدعى عليه ليس بحي ولو كان حيا لألزم باليمين أو الحق أو برد اليمين عليه فمن ثم لم يثبت له عليه حق الحديث ولا يضر وجود ياسين الضرير في سنده لكونه متلقيا بالقبول عند الأصحاب به يستدلون على جملة من الفروع مضافا إلى أن الرواية حسبما يظهر من التهذيب والكافي حسبما حكاه الأستاذ دام ظله قد أخذت من كتاب أحمد بن محمد بن عيسى الذي قد أخرج جماعة من الرواة عن ألقم منهم البرقي من جهة روايتهم عن الضعفاء والمراسيل وكيف كان لا شبهة في كون الرواية معتبرة عندهم معمولا بها لديهم ولا يضر حينئذ عدم كونها صحيحة باصطلاح المتأخرين لما قد حققنا في الأصول من أن المعتبر في سند الروايات هو الوثوق والاطمينان من أي شئ حصل.
ثم إن دلالة الرواية على المدعى حسبما عن الكافي والتهذيب من وجهين صدرا وذيلا أما دلالتها عليه صدرا فمن حيث إنه رتب فيه على عدم حلف المنكر إلزامه بالحق وهو وإن كان مطلقا إلا أنا نقيده بالاجماع على عدم جواز الالزام بالحق بمجرد عدم الحلف بعدم الرد فيثبت المطلوب وهو القضاء بالنكول وأما دلالتها عليه ذيلا فمن حيث إنه رتب الإمام عليه السلام على عدم البينة للمدعي مع حياة المدعى عليه أحد أمور ثلاثة إما إلزامه باليمين أو الحق أورد اليمين على المدعي فإذا انتفى اليمين والرد فيلزم بالحق وهو معنى القضاء بالنكول هذا.