لقراءة يرد مبنيا للفاعل حتى يرجع ضميره إلى المنكر وأما الثاني فلانه خلاف ظاهر الرواية لان ظاهرها إلزام المنكر بالحق من حيث كونه منكرا وناكلا والمقر بإقراره يخرج عن موضوع المنكر ويرتفع الخصومة بنفسه مضافا إلى كونه مخالفا لظاهر الفقرة الأخيرة من الرواية وهي قوله فمن ثم لم يثبت له عليه حق فإن المثبت لا يطلق على الاقرار فتأمل.
وقد ذكر الأستاذ العلامة دام ظله صحة الاستدلال بذيل الرواية على تقدير أن يكون المراد من الالزام هو الالزام بمقتضى اقراره فتأمل فيه لعلك تجده حقيقا بالقبول هذا لكن يمكن أن يورد عليه بأن دلالته على المدعى انما يتم على تقدير أن يكون في مقام البيان والاطلاق بمعنى أن يكون المراد منه انه بمجرد عدم حلفه ورده يلزم بالحق فتدل على القضاء بالنكول وأما إذا كان في مقام الاهمال والاجمال بمعنى أن يكون المراد منه انه بعد عدم حلفه ورده يلزم بالحق في الجملة وهذا لا ينافي القول بإلزامه بالحق بعد رد اليمين إلى المدعي لأنه أيضا إلزام بالحق في الجملة والمفروض انه لا إطلاق له حتى يكون هذا موجبا لتقييده فيدفع بالأصل وأنت خبير بكون هذا أيضا مخالفا لظاهر الرواية فسلمت الرواية بحمد الله عن جميع الايرادات والمناقشات فلا بد من التمسك بها في اثبات المدعى.
ومنها صحيحة محمد بن مسلم سئل الصادق (عليه السلام) عن الأخرس كيف يحلف قال إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كتب له اليمين وغسلها وأمره بشربها فامتنع فألزمه بالدين وجه الدلالة ان ظاهره عدم رد اليمين وإلا لنقل وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الخطاب بل الحاجة فاندفع به ما يقال إنه نقل فعل فلا اطلاق في قوله فامتنع حتى ينفى به تقييده برد اليمين على المدعي مضافا إلى أن قوله فامتنع فألزمه يدل على تعقب الالزام للامتناع بغير مهلة لمكان الفاء هذا.
وقد أجيب عن الاستدلال بها على المدعى بوجوه كلها ضعيفة أحدها انها قضية في واقعة لا عموم فيها حتى يصير مدركا للقاعدة وفيه أن من المعلوم لكل مبتدء في الأصول فضلا عن المنتهى فيه فساد هذا الكلام لان ما فرع سمع المجيب من أن قضايا الأفعال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الاجمال ولا عموم فيها حتى يمكن بها الاستدلال إنما هو فيما إذا لم تكن مسبوقة بالسؤال وواقعة في مقام الجواب وأما إذا كانت واردة في مقام الجواب عن السؤال كما فيما نحن فيه فتنزل منزلة العموم في المقال بلا ارتياب فيه ولا إشكال ثانيها ما يستفاد من كلمات بعض مشايخنا أيضا من أن الحاجة التي دعت إلى السؤال إنما هي تعلم كيفية حلف الأخرس لا كيفية الحكم في الدعوى مطلقا حتى يقال إنه لو توقف إلزام المنكر بالحق بعد امتناعه على يمين المدعي فلا بد من إيرادها فعدمه يدل على عدم توقف القضاء عليه وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وهذا الجواب وإن لم يكن بمكان الوهن كسابقه إلا أن من تأمل في الرواية يقطع بأن المقصود هو تعلم حكم ما إذا كان المنكر أخرسا في كل من تقديري الحلف وعدمه ثالثها ما سمعته في موثقة عبد الرحمن من أن الحكم بمجرد الامتناع خلاف الاجماع فلا بد إما من تقدير عدم الرد أو حلف المدعي ولا مرجح لاحد التقديرين على الآخر.
والجواب عنه ما عرفته في التفصي عما أورد على الموثقة وحاصله انا نقول إن مقتضى اطلاق الصحيحة كون مجرد الامتناع علة تامة للحكم بالحق والقدر المتيقن تقييده بصورة عدم الرد لان التقييد بها لازم على كل من القولين ويبقى اطلاقه بالنسبة إلى حلف المدعي سليما عن القيد فيؤخذ به هذا.