الشيعة فيها حتى صار جل أهلها شيعة وحتى أن بعض أهل فلسطين قال لو كان معي عشرة أسهم لرميت تسعة في المغاربة وواحدا في الإفرنج، وهذا ظفر به العلوي المصري فسلخ جلده حيا حتى مات، قال ابن الأثير: وفي سنة 407 قتلت الشيعة بجميع بلاد إفريقية وذلك أن المعز بن باديس ركب ومشى في القيروان فاجتاز بجماعة فسال عنهم فقيل هؤلاء رافضة فترضى عن الشيخين فانصرفت العامة من فورها إلى درب المقلي من القيروان وهو مكان يجتمع به الشيعة فقتلوا منهم وكان ذلك شهوة العسكر واتباعهم طمعا في النهب وانبسطت أيدي العامة في الشيعة وأغراهم عامل القيروان وحرضهم وسبب ذلك أنه كان قد أصلح أمور البلد فبلغه أن المعز بن باديس يريد عزله فأراد فساده فقتل من الشيعة خلق كثير واحرقوا بالنار ونهبت ديارهم وقتلوا في جميع إفريقية واجتمع جماعة منهم إلى قصر المنصور قريب القيروان فتحصنوا به فحصرهم العامة وضيقوا عليهم فاشتد عليهم الجوع فاقبلوا يخرجون والناس يقتلونهم حتى قتلوا عن آخرهم ولجا من كان منهم بالمهدية إلى الجامع فقتلوا كلهم وأكثر الشعراء ذكر هذه الحادثة فمن فرح مسرور ومن باك حزين اه.
ولا يعرف اليوم هناك أحد من الشيعة. فانظر إلى ما بلغ به الحال بالمسلمين وأمرائهم أن يقتلوا الناس ظلما وعدوانا أو طمعا بالنهب أو خوفا على الولاية من العزل بدون رأفة ولا شفقة وهل يستغرب بعد هذه الأفعال أن يسلط الله الفرنج على بلاد المغرب يحكمون في أموالهم ودمائهم واعراضهم.
أفغانستان أي بلاد الأفغان بفتح الهمزة وسكون الفاء واقعة على حدود بلاد إيران وروسيا والهند وكانت جزءا من مملكة إيران ملكها الصفويون سنة 912 وبقيت بيدهم إلى سنة 1135 حيث ضعفت دولة الصفوية واستولى الأفغانيون على عاصمة ملكهم أصفهان ثم طردهم منها نادر شاة وفي سنة 1150 استولى على بلادهم وبعد وفاة نادر شاة سنة 1160 استعادها احمد خان الدراني من حكومة إيران وأقام نفسه أميرا عليها وتوفي سنة 1187، وخلفه ابنه تيمور وتوفي سنة 1246 وخلفه ابنه تريمون شاة فخلعه الأفغانيون لممالأته الإنكليز واجلسوا مكانه أخاه محمود خان ثم توفي سنة 1247 وانقضت دولة الدرانية فاستولى عليها دست محمد خان وجرت حرب بينه وبين الإنكليز انتهت بانكساره واسره وإقامة الشاه جوهاه مكانه ثم قتل وأعيد دست محمد بعد اطلاقه من يد الإنكليز فاستولى على قندهار وبلخ والقسم الجنوبي من البلاد سنة 1272 وكانت هرات لا تزال بيد الإيرانيين وحاكمها يار محمد خان ثم مات يار محمد فحرك الإنكليز دست محمد لمحاربة الإيرانيين فحاربهم واخلوا هرات وأقيم عليها احمد خان سلطانا سنة 1279، وفي سنة 1280 نشبت حرب بين دست محمد والإيرانيين وبمساعدة الإنكليز استولى على هرات وفيها توفي دست محمد وخلفه ابنه شير علي خان ثم خلعه الإنكليز وأقاموا مكانه أخاه أفضل خان ثم جمع شير علي عساكره واستولى على البلاد ثم توفي سنة 1295 فملك بعده يعقوب خان وكان لمن يملك البلاد لقب أمير أفغانستان وعين له الإنكليز سنويا ستمائة ألف ريال روسي وفي سنة 1297 اخذه الإنكليز إلى الهند وأقاموا مكانه ولده عبد الرحمن خان ثم توفي فأقيم مكانه ولده حبيب الله خان ثم قتل في عصرنا هذا وأقيم مكانه اخوه أمان الله خان ملكا على الأفغان وكان محبوبا إلى الرعية كأخيه حبيب الله لكنه ساح في بلاد الإفرنج وغيرها ومعه زوجته الأميرة ثريا ولما عاد من سياحته أراد أن يدخل إلى بلاده العوائد الفرنجية دفعة واحدة مع تصلب الأفغانيين في الدين الاسلامي وكلهم حتى حكامهم يلبسون العمائم ويسدلونها خلف ظهورهم فألزمهم باللباس الفرنجي وسجن بعضهم فثاروا عليه ثورة انتهت بخلعه وخروجه من بلاد أفغانستان مع زوجته ووقعت البلاد في اضطراب فقام رجل يسمى حبيب الله أصل أبيه سقاء ولذلك لقب بجة سقا أي ولد السقا الصغير وقابله آخر من العائلة المالكة يدعى نادر خان وجرت بينهما حروب انتهت بقتل بجة سقا واستيلاء نادر خان على البلاد ثم قتل نادر خان بيد شاب من إحدى المدارس فأقيم في الملك ولده ظاهر خان وهو ملكها إلى حين تحرير هذه السطور 1354.
وسبب تدخل الإنكليز في بلاد الأفغان وتوجيه انظارهم إليها أنها طريق روسيا إلى الهند لا طريق لهم غيرها وروسيا هي الدولة الوحيدة التي يخافون منها على الهند ومع ذلك فأهلها أشداء مجاورون للهند وجرت بينهم وبين الإنكليز بعض الحروب على حدود الهند فلذلك كانت انظار الإنكليز دائما موجهة إليها فوالوا امراءها وتدخلوا في أمورها فلا ينصبون الا الأمير الموالي لهم فان حاد عن موالاتهم دسوا الدسائس لثوران الأمة عليه وعزلوه وأقاموا غيره وقد عينوا لأميرها راتبا سنويا قدره 12 ألف ليرة انكليزية وبقي ذلك مستمرا مدة طويلة ثم قطع في هذه الأعصار، وأراد القاجاريون اعادتها إلى مملكة إيران فجهزوا عليها جيشا وفتحوها فاحتل الأسطول الانكليزي الموانئ الإيرانية وتهددهم بضرب المرافئ بالقنابل إن لم يعودوا عن أفغانستان فعادوا مرغمين. ولسان أهلها الرسمي الفارسية ويغلب على أهلها التسنن وهم أحناف.
وانتشر التشيع في أفغانستان في عهد الملوك الصفوية وعينوا علماء ومدرسين ومشايخ اسلام في أهم مدنها مثل هرات وكابل وقندهار وغيرها وكان الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي والد الشيخ البهائي معينا شيخ الاسلام في هرات. والآن لا تخلو بلد من بلاد الأفغان من الشيعة لكن عددهم غير معلوم على التحقيق إلا أن فيهم كثرة لا يستهان بها وأخبرني بعض المطلعين منهم أن عدد الشيعة يبلغ العشر من مجموع السكان وفيهم جماعة من أهل العلم يتعلمون في مدرسة النجف الأشرف لكنهم قليلون بنسبة عدد الشيعة هناك وفي أفغانستان قبائل يقال لهم البربر يتعاطون الزراعة ولهم بلاد خاصة بهم ولهم صبر وجلد على الغربة والسياحة وعددهم غير معلوم على التحقيق لكنه على التقريب يزيد على ثلاثة ملايين. وفي منجم العمران أن قبيلة هزارة المقيمة في الجهة الغربية من أفغانستان مذاهبها شيعية وأنها من أصل توراني ولغتها فرع من التركية يبلغ عددها نحو 60 ألفا وقبيلة القزلباشية مذهبها شيعي واصلها من الترك استوطنت هذه البلاد من أيام نادر شاة يبلغ عددها نحو 200 ألف نسمة اه وكان الأمير يعقوب وولده عبد الرحمن متعصبين على الشيعة خصوصا الثاني فقد قتل عددا كثيرا من البربر إلا أن ولده الأمير حبيب الله خان كان متساهلا مع الشيعة كثيرا غير متعصب عليهم وكذلك اخوه أمان الله خان. وهم يقيمون عزاء سيد الشهداء لكن من يجتمع عنده الناس لإقامة العزاء يحتاج إلى اعلام الشرطة بذلك لأن كل من يجتمع عنده جماعة ولو لضيافة أو دعوة يحتاج إلى اعلام شرطة المحلة بذلك وهم أهل شجاعة وجلد وبسالة.