منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٧٦٧
في أحد المتقابلين مأخوذا فيه قابلية الاتصاف بالوجود كالعمى، فإنه عدم البصر ممن له قابلية الاتصاف بالبصر لا من كل شئ، ولذا لا يصح إطلاق الأعمي على الجدار.
إذا عرفت إجمالا أقسام التقابل الثلاثة، فاعلم: أنه لا مجال لتقابل السلب والايجاب هنا، لان هذا التقابل انما يكون بين وجود الماهية و عدمها المحموليين، فيمتنع اجتماعهما وارتفاعهما، لأنه شأن المتناقضين. وليس الاطلاق والتقييد كذلك، لارتفاعهما عن المحل غير القابل لهما، كتقييد الخطاب بوجود متعلقه أو عدمه، كأن يقال: (يجب عليك الصلاة المقيدة بالوجود أو العدم) إذ التقييد بالوجود يوجب تحصيل الحاصل، ولا معنى لطلب إيجاد الصلاة الموجودة.
مضافا إلى أن وجود المتعلق ظرف سقوط الخطاب لا ثبوته.
والتقييد بالعدم مناف للطلب الذي يبعث على الايجاد، ونقض العدم بالوجود.
وكذا امتناع إطلاقه أيضا بالنسبة إلى كل من وجود المتعلق وعدمه، إذ لا يعقل مطلوبية الصلاة مثلا مطلقا سواء أ كانت موجودة أم معدومة.
وبالجملة: فارتفاع كل من الاطلاق والتقييد في الانقسامات المتأخرة عن الخطاب كاشف عن عدم كون التقابل بينهما السلب و الايجاب، فيدور الامر بين تقابل التضاد، والعدم والملكة. فان كان الاطلاق عبارة عن الماهية المقيدة بالشيوع والسريان - كما نسب إلى المشهور - كان التقابل بينهما التضاد، لكون كل من الاطلاق والتقييد أمرا وجوديا.