الأولى: أن يكون السائل للمعصوم (ع) ممن لا يرجو لقاءه أو لقاء أحد الرواة عادة، كما إذا كان من البلاد البعيدة، فلا معنى لان يقال في مثل هذا الفرض ان الإمام (ع) في مقام بيان مرامه بكلام متعدد، بل لابد أن يكون في مقام بيان مرامه بنفس كلامه مع السائل، فله التمسك باطلاق الكلام واستكشاف المراد الواقعي به. فإذا ورد مقيد بعد حين كان معارضا للمطلق لا مقدما عليه رأسا، بل تلحظ قواعد المعارضة بينهما.
الثانية: أن يكون السائل من يجتمع مع الإمام (ع) كثيرا وسؤاله لمعرفة الحكم وتعلمه كمثل زرارة. ففي مثل هذا الفرض يمكن ان يقال ان العادة على عدم بيان تمام مرامه في مجلس واحد وكلام واحد بل في مجالس متعددة.
وعليه، فلا يمكنه التمسك باطلاق كلامه الأول ما لم يمض وقت البيان عادة ولم يرد القيد، فإذا ورد القيد في الأثناء كان مقدما على الاطلاق جزما.
الثالثة: أن يكون السائل كذلك، لكن القيد يأتي من المعصوم اللاحق، وفي مثله لا يمكننا ان نقول بان العادة على تأخير البيان والاعتماد على الامام اللاحق (ع) بحيث يظهر ذلك من حال الامام السابق (ع).
وعليه، فيمكن التمسك بالاطلاق ويكون المقيد معارضا له كما في الصورة الأولى، ولا يصح تقديمه عليه الا إذا كان أظهر، على اشكال ستأتي الإشارة إليه انشاء الله تعالى.
فظهر انه لا معنى للجزم بتقديم المقيد على المطلق رأسا، حتى بناء على كون مجرى مقدمات الحكمة هو المراد الواقعي، لانعقاد الاطلاق إذا مضى وقت البيان ولم يرد القيد.
وسيأتي انشاء الله تعالى في مبحث الجمع بين المطلق والمقيد مزيد تحقيق وتوضيح. فانتظر.
* * *