واما لو لم يكن ذلك، فلا ينفع ما ذكرناه، كما في المثال المذكور في أجود التقريرات (1)، وهو قوله تعالى: (فكلوا مما أمسكن) (2) حيث يشك في أنه في مقام البيان من جهة نفي الحرمة الثابتة للميتة، أو أعم منها ومن نفي الحرمة من جهة النجاسة باعتبار ملاقاة محل الامساك. فان عدم الحرمة له فردان، عدم الحرمة من جهة الميتة، وعدم الحرمة من جهة النجاسة.
فإذا شك في أن المقصود بيانه هل هو عدم الحرمة من جهة الميتة أو الأعم، لم ينفع البيان الذي ذكرناه.
اما بالنسبة إلى اجرائه في نفس عدم الحرمة المدلول عليه بالهيئة، فمضافا إلى أنه معنى حرفي غير قابل للحاظ الاستقلالي، انه لم يؤخذ في موضوع الحكم، كي يقال بان ظاهر ترتيب الحكم عليه دخالته بنفسه من دون دخل خصوصية فيه، بل لا معنى لذلك، لان مدلول الهيئة ليس مفهوم الحكم، بل هو النسبة وهي معنى حرفي.
واما بالنسبة إلى اجرائه بالنسبة إلى الأكل بان يقال: ان الحكم ثابت لطبيعة الأكل ولم يقيد بما قبل الغسل وعدمه فيدل على أن ذات الأكل هو متعلق الحكم، فلانه لا يقتضي ان الحكم هو الأعم، إذ نفي الحرمة من جهة الميتة ثابت للأكل قبل الغسل وبعده، فاثبات اطلاق المتعلق أو الموضوع لا يلازم اثبات ان المنفي هي الحرمة من كلتا الجهتين.
وفي الحقيقة ان المورد ليس من موارد الاطلاق على جميع المسالك، فإنه لا معنى للالتزام بمقدمات الحكمة في اثبات الجواز الفعلي. لأنها ان لوحظت بالنسبة إلى مدلول الهيئة، فقد عرفت أن مدلولها ليس مفهوم عدم الحرمة كي