وقد رده الفقيه الهمداني: بان ذلك مالا شاهد له عرفا، بل الشاهد على خلافه، إذ لو أتى شخص بعمل واحد ينطبق عليه عناوين حسنة متعددة: يرى ان ثوابه أكثر مما إذا انطبق عليه أحد هذه العناوين، وليس ذلك الا لتعدد الامر ووقوع العمل امتثالا للأوامر المتعددة (1).
وعلى كل حال فيكفينا مقتضى الصناعة والبرهان من دن أي خدشة.
ومما ذكرنا يظهر الحال في الصورتين الأخريين، فان المتعلقين وان اتحدا ذاتا لكنهما مختلفان قيدا أو جزءا، فيوجب ذلك تباينهما، فمع اجتماعهما في واحد يمكن امتثال كلا الامرين به، فإذا اكرام عالما هاشميا تحقق امتثال كلا الامرين لصدق اكرام العالم واكرام الهاشمي عليه. كما لا يخفى.
ويبقى الكلام في جهتين:
الأولى: تختص بمثال الصورة الثالثة، وهو نافلة المغرب والغفيلة، ونظائرهما. فإنه قد يستشكل في تحقق امتثال كلا الامرين بركعتي الغفيلة من جهة ما قرر من اعتبار امر واقعي قصدي في الصلوات المتشابهة صورة يكون موجبا لتباينها حقيقة وكون أحدهما غير الاخر، وانه لا طريق إلى قصده الا بالاتيان بالعمل بقصد عنوانه الخاص كعنوان الظهر أو العصر، ولو لاه لما كان هناك فارق بين نافلة الصبح وصلاتها وبين صلاة الظهر والعصر وهكذا.
وعليه، فإذا ثبت اعتبار العنوان القصدي في نافلة المغرب ليتحقق امتياز عما يشاكلها كالصلاة القضائية، وثبت اعتباره في الغفيلة أيضا، فمن الممكن أن يكون العنوانان القصديان متباينين واقعا بحيث لا يمكن قصدهما بعمل واحد، نظير عدم امكان الاتيان بأربع ركعات بقصد الظهر والعصر، ونظير قصد التعظيم والإهانة بقيام واحد.