الحكمين يطلب به فرد غير ما يطلب بالحكم الاخر. وعليه فيمتنع الاكتفاء بفرد واحد، وليس هو الا نظير الاكتفاء عن نافلة المغرب بركعتين. وما ذكرناه واضح جدا، ومعه لا وجه لبيان ان الأصل عدم التداخل - كما جاء في تقريرات النائيني (1) -، إذ لا وجه له الا تخيل قيام الدليل في بعض الصور على الاكتفاء بفرد واحد في مقام امتثال الامر المتعدد، ولكن لو ثبت الدليل في بعض الموارد فهو يرجع في الحقيقة إلى بيان وحدة الحكم، إذ تعدد الحكم وإرادة فردين خلف الاكتفاء بواحد، فإن قول الامر: " أريد ان تعطي درهمين " ينافي قوله: " اكتفي بدرهم واحد " كما لا يخفى.
واما ما سيق - في أجود التقريرات - مثالا لقيام الدليل الخاص على الاكتفاء بامتثال واحد، واحد مسألة الاكتفاء بغسل واحد عن حدوث الجنابة والحيض وغيرهما، ومسألة الوضوء لو فرض تعدد الحدث الموجب لتعدد الامر.
فهو انما يتجه لو كان محل البحث هو ان الأوامر المتعددة المتعلقة بافراد الغسل أو الوضوء هل تمتثل بغسل أو وضوء واحد أو لا تمتثل؟ فيفرض المسبب وجوب الغسل. اما لو كان محل البحث هو ان الاحداث المتعددة المسببة عن الأسباب المتعددة هل ترتفع بغسل أو وضوء واحد أولا؟ فلا يرتبط بما نحن فيه، إذ المسبب فرض هو الحدث ولا معنى للتداخل فيه. وانما يقع الكلام في ارتفاعها بعمل واحد، وهو لا يرتبط بمسألة التداخل، بل يتبع دليل الغسل أو الوضوء فان دل على كونه رافعا لطبيعي الحدث كان سببا لارتفاع جميع الاحداث به، وان دل على أنه رافع لحدث واحد لم يرفع غيره.
وظاهر كلامه ان موضوع البحث هذه الجهة. وعليه فلا معنى لجعل المسألة من شواهد التداخل.