البحث وان تقدم كونه لفظيا لكن واقعه في العبادات عقلي كما تقدم فانتبه.
وقد تعرض المحقق النائيني إلى دفع بعض الشبه قبل الخوض في أصل المطلب ونذكر منها شبهتين:
إحداهما: انه كيف يعقل النهي عن العبادة، مع أن فرض العبادية يلازم فرض المقربية كما أن فرض النهي يلازم المبعدية، ويمتنع أن يكون شئ واحد مقربا ومبعدا؟.
وأجاب عنه: بان متعلق النهي ليس هو العبادة الفعلية كي يتأتي ما ذكر، وانما المراد بالعبادة التي تكون متعلقا للنهي هي الوظيفة التي لو امر بها كان امرها عباديا أو ما كان في نفسه عبادة كالسجود لله (1).
والذي يبدو لنا ان هذا الجواب بعيد عن الايراد. فان مقصود المورد هو لغوية البحث لوضوح المنافاة بين النهي والعبادية، فالبحث عن اقتضاء النهي عن الفساد بحث لغو. وهذا يتأتى سواء قلنا بان متعلق النهي العبادة الفعلية أو ذات العبادة. فالجواب عنه بان المتعلق هو ذات العبادة غير مجد في دفعه.
ثانيتهما: ان العبادة وان فرضنا امكان تعلق النهي بها الا انه لا يوجب فسادها، لان الفساد يستند إلى عدم مشروعيتها سواء كان نهي أو لم يكن.
وأجاب عنه: بان الفساد في مورد عدم النهي يستند إلى الأصل، وهو أصالة عدم مشروعيتها وفي مورد النهي يستند إلى الدليل الرافع لموضوع الأصل لارتفاع الشك به (2).
وهذا الجواب غير سديد، من جهتين:
الأولى: ما فرضه من جريان الأصل عند عدم النهي، مع أن الغالب فيما نحن فيه وجود اطلاق أو عموم يثبت المشروعية لولا النهي.