ونختار الشق الثاني، ونجيب عن اشكال ثبوت الحرمة التشريعية بوجهين: الأول: ان الاتيان بالعمل بقصد قربي لا يلازم التشريع دائما، بل يمكن تحققه بدون تشريع وهو الاتيان به رجاء، فيمكن تعلق الحرمة الذاتية بالعمل المأتي به بقصد القربة رجاء.
الثاني: ما ذكره صاحب الكفاية من أن التشريع ليس من صفات الفعل الواقع كي تكون حرمته حرمة للفعل، بل هو من صفات القلب فان التشريع عبارة عن البناء القلبي على جعل الحكم، ولا يكون العمل سوى كاشف عن البناء والتشريع لا أكثر فلا وجه لتحريمه، وبعبارة أخرى: التشريع عبارة عن ادخال ما ليس في الدين فيه وليس العمل ادخالا لما ليس في الدين فيه كما لا يخفى.
نعم الاخبار عن الجعل محرم لأنه افتراء، ولكنه لا يرتبط بالعمل المأتي به.
وبالجملة: فالتشريع من صفات الفاعل لا الفعل، وليس هو كالتجري الذي قد يقال فيه أنه من صفات الفعل باعتبار ان الفعل في مورد التجري بنفسه يتعنون بعنوان الهتك للمولى الذي هو مورد التحريم والعقاب (1). فالتفت.
هذا مع أنه قد يناقش في أصل حرمة التشريع لعدم الدليل عليه. فتدبر.
واما ما ذكره صاحب الكفاية، وجها ثالثا في الجواب عن الاشكال من أن النهي وإن لم يكن دالا على الحرمة الذاتية لكنه يدل على الفساد لدلالته على الحرمة التشريعية الراجعة إلى عدم شمول دليل المأمور به للمحرم فلا وجه لكونه مقربا (2).
فهو بعيد عما هو محل الكلام، فان محل الكلام هو الملازمة العقلية بين الحرمة والفساد لا في دلالة دليل النهي وعدم دلالته وإن لم يكن تحريم واقعا. فان