ولا يخفى ان هذا البيان لا يرد على المسلك القائل (1) بوجود مواطن ثلاثة للاعتبار وهي الاعتبار الشخصي والاعتبار العقلائي والاعتبار الشرعي، يعني ان المنشئ يعتبر المنشأ في نفسه ويكون اعتباره موضوعا لاعتبار العقلاء والاعتبار العقلائي يكون موضوعا للاعتبار الشرعي، والوجه في عدم ورود هذا البيان على هذا المسلك هو: ان فعل المكلف المتعلق للتحريم أجنبي بالمرة عن فعل الشارع، فان المبغوض هو الاعتبار الشخصي لأنه القابل للتحريم دون غيره، وهو لا يتنافى مع اعتبار الشارع وجعله، إذ هو غير مبغوض.
وانما يتجه هذا البيان على المسلك المشهور القائل بان واقع المعاملة هو الانشاء بداعي تحقق الاعتبار العقلائي أو الشرعي فهي التسبيب إلى اعتبار الشارع، من دون أن يكون للمنشئ اعتبار شخصي.
إذ تتجه دعوى أن المبغوض متقدم باعتبار الشارع فلا معنى لجعله واعتباره من قبله.
وعليه، فلا يتجه التفصي عن هذا البيان بالالتزام بوجود الاعتبار الشخصي وانه هو متعلق التحريم.
فالتحقيق ان يقال: ان اعتبار الملكية - مثلا - وان كان بيد الشارع الا ان تحققه لما كان بلحاظ تسبيب المكلف وانشائه أسند التمليك إلى المكلف كما يسند إلى الشارع، فهناك تمليكان أحدهما تمليك المكلف والاخر تمليك الشارع، نظير ما لو رمى شخص آخر برصاصة فجاء ثالث وأوقف المرمي تجاه الرصاصة فاصابته وقتل فان القتل كما يسند إلى الرامي يسند إلى الرامي يسند إلى هذا الشخص الثالث.
وعليه، فإذا فرض تعدد التمليك بحسب ما يراه الوجدان بنحو لا يقبل الانكار، فالمبغوض المحرم هو تمليك المكلف لا مطلق التمليك، فلا مانع من تحقق