واما غيرها من العبادات، فقد ذكر ان المراد بالعبادة التي هي متعلق النهي ما لو امر به لكان امر عباديا لا يسقط الا بقصد القربة. وهذا لا يمنع من تعلق الحرمة الذاتية به. ومرجع كلامه إلى الالتزام بتعلق النهي بذات العمل (1).
ولذلك أورد عليه المحقق الأصفهاني بوجهين:
أحدهما: ان الالتزام بحرمة ذات العمل ولو لم يأت بها بقصد التقرب في غاية الاشكال.
ثانيهما: ان مثل هذا العمل فاسد ولو لم يتعلق به نهي لعدم اشتماله على ما يصلح للمقربية والعبادية (2).
وبملاحظة هذين الايرادين يمكن ان نحرر الاشكال في تعلق الحرمة الذاتية بالعبادية بطور آخر، وهو ان نقول: ان الحرمة الذاتية ان فرض تعلقها بذات العمل من دون قصد القربة، فهو مما لم يلتزم به أحد، مع أن فساد العمل في مثل هذا الحال لا يختص بصورة النهي. وان فرض تعلقها بالعمل المأتي به بقصد القربة لزم اجتماع المثلين لان العمل بقصد القربة حرام تشريعيا.
والجواب عن الاشكال: انه يمكننا اختيار كلا الشقين.
فنختار الشق الأول: وهو تعلق النهي بذات العمل. الايراد عليه بان فساد العمل لا يختص بحال النهي غير سديد، إذ يمكن أن يكون في نفس العمل جهة راجحة لولا النهي، فيكون النهي مانعا عن صلاحية العمل للتقرب به لمبغوضيته بخلاف ما لو لم يكن نهي فان العمل صالح للمقربية بتلك الجهة الراجحة فلا يكون فاسدا.
نعم الايراد عليه بعد الالتزام بمثل ذلك متين جدا.