ذلك، اما ترتب الأثر فهو عقلي ليس مجعولا للشاعر. ونفس الأثر لا يصحح الاتصاف بالصحة، إذ ليست الصحة نفس الأثر، بل ترتبه كما هو المفروض.
اذن فالصحة في المعاملات كالصحة في العبادات ليست من الأمور المجعولة للشارع في رأي المحقق الأصفهاني (1) (قدس سره).
لكن هذا الايراد غير سليم عن المناقشة، فان ترتب الأثر في المعاملات ليس عقليا، بل يكون شرعيا، لان المقصود بالترتب لا يعدو أحد امرين: اما منشئية العقد لثبوت اثره المجعول شرعا. واما ثبوت الأثر بعد تحقق العقد. وكل من هذين الامرين ليس عقليا، فان المنشئية العقد لثبوت الأثر جعلية، ولذا تدور في السعة والضيق والثبوت والعدم مدار الجعل والاعتبار.
وهكذا ثبوت الأثر بعد تحقق العقد، فإنه أمر يرتبط بالجاعل لا بالعقل، ولذا قد يثبت وقد لا يثبت باعتبار الجعل وعدمه.
وبالجملة: فربط الأثر بالعقد امر بيد الجاعل، ولذا يتصرف به كيفما يشاء. والمراد من منشئية العقد للأثر ليس مفهوم المنشئية بل واقعها، فان مفهومها وان كان امرا انتزاعيا لكن واقعها امر جعلي، نظير موضوعية الموضوع فان واقعها ليس إلا جعل الحكم عند تحققه، وان كانت هي انتزاعية، ولأجل ذلك يقال: ان اجراء الأصل في موضوعية الموضوع مرجعه إلى اجرائه في الحكم.
وبالجملة: فواقع الصحة في هذه الموارد مجعول شرعي وهو ثبوت الأثر عند ثبوت العقد، وينتزع عنه منشئية العقد له وسببيته كما يتنزع التمليك بلحاظ الملكية بالنسبة إلى الجاعل. وكانتزاع الايجاد بلحاظ الفعل بالنسبة إلى الموجد.
وقد عرفت أن الغرض يتعلق بما هو واقع الصحة لا مفهومها، فان الذي يقصد كونه مجرى الأصل هو الواقع لا المفهوم.